وبعد أن هاجموا دار علي ( عليه السلام ) وأجبروه وأنصاره على بيعة أبي بكر ، حمل علي فاطمة ( عليها السلام ) على دابة وكانت مريضة لأنها أسقطت جنينها في حادثة هجومهم ، وأخذ معه ابنيه الحسن والحسين ( عليهما السلام ) ، وقصد بيوت كبار الأنصار ، وطالبهم هو وفاطمة ببيعتهم للنبي ( صلى الله عليه وآله ) في مكة على أن يحموا أهل بيته وذريته كما يحمون أنفسهم وذراريهم ، ولا ينازعوا الأمر أهله ! فتأثروا بكلامهما ووعدوهما النصرة ، لكنهم خافوا من قريش ، ولم يتحركوا تحركاً مؤثراً . وقد وصف أمير المؤمنين ( عليه السلام ) موقفه فقال : « أخبرني رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بما الأمة صانعة بي بعده ، فلم أك بما صنعوا حين عاينته بأعلم مني ، ولا أشد يقيناً مني به قبل ذلك ، بل أنا بقول رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أشد يقيناً مني بما عاينت وشهدت ! فقلت يا رسول الله فما تعهد إليَّ إذا كان ذلك ؟ قال : إن وجدت أعواناً فانبذ إليهم وجاهدهم ، وإن لم تجد أعواناً فاكفف يدك واحقن دمك ، حتى تجد على إقامة الدين وكتاب الله وسنتي أعواناً ! وأخبرني ( صلى الله عليه وآله ) أن الأمة ستخذلني وتبايع غيري وتتبع غيري ، وأخبرني أني منه بمنزلة هارون من موسى ، وأن الأمة سيصيرون من بعده بمنزلة هارون ومن تبعه والعجل ومن تبعه . . . إن موسى أمر هارون حين استخلفه عليهم إن ضلوا فوجد أعواناً أن يجاهدهم ، وإن لم يجد أعواناً أن يكف يده ويحقن دمه ولا يفرق بينهم . وإني خشيت أن يقول لي ذلك أخي رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : لم فرقت بين الأمة ولم ترقب قولي ، وقد عهدت إليك إن لم تجد أعواناً أن تكف يدك وتحقن دمك ودم أهل بيتك وشيعتك . . .