تحفظ لا بد منه : والتحفظ الذي نريد أن نسجله هنا على هذا الذي صدر من الخليفة الثاني هو : أننا لم نستطع معرفة المبرر لهذا القول الجارح الذي صدر عنه ، وهو الرجل الفطن ، والمعروف بيقظته ، وتفهمه للقضايا ، ولم نقف على سبب هذه الجرأة منه على النبي ( ص ) ، ولا وجدنا محلاً لتأويلها . إذ من الواضح : أن طلب الدواة والكتف لكتابة ما يوجب للأمة الهداية ، ليس فيه هجر وتخريف ، ولا إشارة منه إلى فقدان الوعي والشعور ، بل ذلك على عكس ذلك أصرح وأدل ، كما هو ظاهر لا يخفى . ونعتبر أن هذا القول غلطة ، ليس لها ما يبررها ، فإن كان ثمة ما ينبغي ان يحذف من بطون الكتب ، فهو هذه الكلمة وأمثالها . ولكنها لم تحذف رغم الإحراجات الكبيرة التي يتعرض لها من يريد أن يدافع عمن صدرت عنه هذه الكلمة القاسية ، وهو يواجه الاعتراضات من الآخرين . بل إن البعض لم يتورع عن اعتبار كلمة عمر هذه فضيلة له يحمد عليها ، وموقفاً يشكر لأجله ، وامتيازاً يستحق أن يكون موضع فخر ، واعتزاز وتقدير [1] ! ! . إن ذلك لعجيب حقاً ! ! فما عشت أراك الدهر عجباً ! ! .
[1] راجع : تاريخ الإسلام للذهبي ط القاهرة ج 2 ص 284 - 285 ( التعليقات التي في الهوامش ) عن الشيخ محمد الطاهر بن عاشور في مجلة الهداية الإسلامية ( 12 / 12 وما قبله ) .