خلاصة البيان : ونستخلص مما تقدم : أن الشيخ المفيد حينما أثار بعض الأمور الحساسة ، فإنما أثارها بالطريقة العلمية والموضوعية ، كما أنه حين تعامل مع المسائل التي طرحت عليه على سبيل الاستدراج والاستفزاز أحياناً - ، لم يخرج عن وقاره ، ولا صدر منه ما يمكن أن يعتبر خروجاً عن نهجه ، الذي ارتضاه لنفسه ، والتزم به في حياته العلمية ، وفي تعامله مع القضايا الفكرية ، وذلك لأنه كان يعرض أدلته وبراهينه التي رآها كافية لتبرير ما يتخذه من مواقف تجاه تلك القضايا ، وما ينتهي إليه من نتائج ، وفقاً للضوابط العامة التي اعتمدها حيث رأى أنه يصيب كبد الحقيقة ، ويشرف على متن الواقع . ولكن من يراجع كتب التراث التي ألفها الآخرون ، ممن هم في الجهة المقابلة للشيخ المفيد في خطه ، ونهجه ، وفكره ، فلسوف يدهش وهو يرى كيف تطرح القضايا الحساسة بشكل استفزازي ، ومزعج وبأسلوب فج ووقح ومهين ، مشفوعاً بكثير من الخيلاء والتعالي ، والاستكبار ، مع كثير من قوارص القول ، وقواذع الكلم . وليس ثمة ما يبرر ذلك التشفي ، والتنفيس عن حقد دفين ، وإلا تحقيق مآرب شخصية أو سياسية تصب في خانة المآرب الشخصية أو القبلية ، أو الفئوية . فلا مجال بعد هذا للتجني على الشيخ المفيد ، ولا معنى بل لا يمكن أن يقاس هذا الرجل العظيم بغيره . < شعر > فأين الثريا وأين الثرى * وأين معاوية من علي < / شعر > القدامى أقوى منا وأشجع : وقبل أن نختم هذا الفصل فإننا نرى لزاماً علينا : أن نسجل تقديرنا وإكبارنا للشيخ المفيد رحمه الله على مزاياه الإنسانية والعلمية خصوصاً على جرأته على طرح أفكاره بصراحة ووضوح بغض النظر عن أننا نتفق معه فيما يذهب