والتكريم لهم به ، فهو قيد توضيحي ، وليس احترازياً . والجواب : أن التكريم والتشريف لا يمنع من كون القيد احترازياً . وقد أتى في الآية التالية بما يدل على احترازية هذا القيد ، وعلى أن وصف الإيمان علة لهذا الرضى . وأن في الصحابة من هو واجد لهذا الوصف ، وهم فريق خاص ، وفيهم الفاقد له ، وهم من عداهم . وتوضيح ذلك : أنه تعالى قد منح المؤمنين الذين بايعوا الرسول أموراً ، وهي الرضى عنهم ، وإنزال السكينة عليهم ، ووعدهم بحصول الفتح القريب ، وبمغانم كثيرة ، ثم وعد جميع المخاطبين بالحصول على مغانم كثيرة يأخذونها أيضاً . ثم في الآية التالية التي خاطب بها عموم من كان مع الرسول ، أخبرهم : بأن الله قد عجل للناس هذه المغانم التي حصلوا عليها ، وكف أيدي الناس عنهم . ثم ذكر : أن هذا الوفاء بالوعد منه تعالى إنما هو ليكون آية للمؤمنين ، الذين أفردهم بالحديث عنهم بصيغة الغائب * ( وَلِتَكُونَ آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ ) * . ثم عاد ليكمل خطابه للناس مباشرة وبصيغة الحضور . فصيغة الكلام تفيد : أن المغانم الكثيرة يشترك فيها الناس كلهم ( حتى المؤلفة قلوبهم ) ، ولكن الذين يقوى إيمانهم بذلك ، ويستفيدون منه في تربية نفوسهم ، وزيادة التصديق بما جاء به الرسول صلى الله عليه وآله وسلم هم المؤمنون فقط . فالمخاطبون لله إذن أعم من المؤمنين ، وغيرهم ، وليس في إنجاز الوعد آية لكل المخاطبين ، بل فيه آية لخصوص المؤمنين . كما أوضحناه . وهذا معنى كون القيد في الآية احترازياً . وأما بالنسبة للآية الثالثة : فدلالتها على عدالة جميع الصحابة تتوقف على إثبات : أن كلمة ( من ) في قوله : * ( مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأنْصَارِ ) * بيانية لا تبعيضية . وتتوقف أيضاً على أن : * ( وَالسَّابِقُونَ الأوَّلُونَ . . وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ