أصلاً ، بل هي على عكس ذلك أدل . أما الآية الأولى : فلأن آخرها قد بين : أن المقصود له تعالى هو بعض الصحابة لا كلهم ، لأنه تعالى قال : * ( وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً ) * فكلمة * ( مِنْهُمْ ) * تفيد : أن جميع من كانوا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يكونوا على هذه الصفة ، أو على الأقل لم يستمروا جميعهم على ذلك . كما أن الواقع يصدق ذلك ، ويثبته فإن جميع الصحابة ما كانوا : * ( رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ) * إلخ . . بل كان فيهم من جلد في الخمر مرات ، وارتكب غير ذلك من مآثم وعظائم . فليُراجع تاريخهم بدقة وإنصاف . فلعل المعية في الآية ناظرة إلى معية خاصة وتنطبق على أشخاص بخصوصهم . وأما الآية الثانية : وهي آية البيعة تحت الشجرة ، فهي أيضاً لا تدل على عدالة جميع الصحابة ، لعدة أمور ، نذكر منها : 1 - إن الآية قد ذكرت أن الرضى إنما هو عن خصوص المؤمنين ممن بايع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تحت الشجرة . ومن المعلوم : أنه قد يبادر إلى البيعة المؤمن وغير المؤمن . ولم يمنح الرضا لمن بايع ، بل منحه الله لخصوص من بايع من المؤمنين ، حيث قال * ( عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ ) * ولم يقل : عن المبايعين لك . 2 - إننا نلاحظ : أنه تعالى قد قرن رضاه عنهم بصدور البيعة منهم ، فجاء ب * ( إذ ) * الزمانية ولم يمنحهم الرضا مطلقاً ، وذلك يشير إلى أن الرضى عنهم لم يكن لأجل صحبتهم ليشمل ما بعد البيعة وقبلها وحينها . وإنما لأجل بيعتهم ، وجزاء لهم على هذا العمل بالذات . 3 - إن الآية خاصة بالرضى عمن بايع ، ولا تشمل كل صحابي . قد يقال : إنه تعالى لم يذكر وصف المؤمنين إلا لأجل التشريف لمن رضي عنهم ،