مبررات طرح رأي كهذا : وأعتقد أن مبررات طرح رأي كهذا تكمن في تخوفات وتخيلات لا واقع لها ، نشأت من رؤية الواقع أكبر مما هو عليه بالفعل ، مع الغفلة عن سلبيات أخرى تنشأ من العمل برأي كهذا ، ثم عدم الالتفات إلى أن بالإمكان معالجة السلبيات التي أخذوها بنظر الاعتبار بالحكمة ، وبالموعظة الحسنة . هذا بالإضافة إلى افتقار دعاة هذا الرأي إلى قدر كافٍ من الشجاعة للمواجهة الصريحة والواضحة ، والموضوعية في مجال تسجيل الموقف على الصعيد الفكري والعلمي ، بسبب ما لذلك من آثار آنية على أولئك الأشخاص أنفسهم . وقد يكون ثمة أسباب أخرى لم نوفق للوقوف عليها ، أو ليس من الضروري إبداؤها وطرحها ، ولو على مستوى الفرض والاحتمال . رغم الحسد والبغي : وبعد ، فرغم الضغوطات التي تعرض لها الشيعة ، وما ارتكبوه في حقهم من جرائم ، ومآثم ، وما واجهوهم به من بغي وعدوان ، فقد مضوا قدماً في طرح قضايا الفكر والعقيدة ، دونما رهبة أو رغبة ، أو كلل أو ملل ، أو تلكؤ ، أو تردد ، وقد زاد في رعب مخالفيهم ، والبغاة والمعتدين عليهم رؤيتهم : أنّ ما هب من نسيم للحرية ولو في حدها الأدنى في تلك الفترة القصيرة ، قد جعل التشيع ينتشر في أرجاء البلاد الإسلامية كما ينتشر فوح الطيب في مختلف الأنحاء ، حتى كان أن يهيمن على كثير من البلاد والعباد . وقد اشتد عوده ، وزاد رسوخاً وتجذراً في عقل ووجدان الناس إلى درجة أحس معها الآخرون ، بالخوف الأكيد ، مما هو أكبر وأكثر . فقد قال الذهبي في حوادث سنة 363 ه : « وكان الرفض ظاهراً قائماً في هذه الأيام ، وفي العراق ، والسنة خاملة مغمورة ، لكنها ظاهرة بخراسان