دعوة خطيرة : ومن هنا ، فإنه لا يبقى مجال للإصغاء إلى بعض الدعوات التي يطلقها البعض ، والتي تقول : إنه لا بد من تهذيب كتب المفيد أو غيره ممن اتبع طريقته ، وسار على نهجه ، واستبعاد ذلك الجانب الذي يثير الحساسيات ، ويلهب المشاعر . فإن هذه دعوة خطيرة ، ثم هي تنتهي إلى أن تصبح دعوة شريرة ، حتى وإن كان مطلقوها من أخلص الناس وأطهرهم . ونحن نأمل أن لا يكون الذين يطلقونها واقفين على ما لها من سلبيات على الفكر ، وعلى العقيدة ، وعلى التراث ، ثم على الحد الأدنى من الثقة ، الذي يجب توفره بالنسبة للعلم وللعلماء ، في حمل الأمانة وفي حفظها ، ثم في تسليمها سليمة للأجيال اللاحقة ، التي لا يقل حقها فيها عن ما لنا من حق . ولا يمكن أن يختلف أو يتفاوت هذان الحقان على الإطلاق . أدنى سلبيات هذه الدعوة : وإن أدنى سلبيات هذه الدعوة هو أن تفتح الأبواب أمام استبعاد طائفة كبيرة من النصوص ، والتلاعب بالكثير من كتب التراث التي لا يكاد يخلو كتاب منها من شيء لا يرضاه ولا يرتاح إليه فريق من الناس . فهذه هي كتب الحديث والفقه والرجال ، والتفسير ، والعقائد ، وعلوم القرآن والخ مشحونة بأمثال هذه القضايا . أضف إلى ذلك : أن كتب إخواننا أهل السنة قد تعدت في الكثير الكثير من مواردها حدود الطرح العلمي ، ولجأت إلى التجريح والشتم والاتهام للشيعة ، ورميهم بالبدعة والضلال ، وبما هو أسوأ من ذلك . فهل تنال هذه الدعوة أمثال هذه الكتب أيضاً ؟ ! . مع أن من حق الشيعة أن يطالبوا بذلك ، ما دام أن الأمر قد تعدى الرأي العلمي ، والبحث الموضوعي إلى السباب والشتم ، وإلى التجريح والاتهام .