« إني أكره لكم أن تكونوا سبابين ، ولكنكم لو وصفتم أعمالهم وذكرتم حالهم ، كان أصوب في القول ، وأبلغ في العذر ، وقلتم مكان سبكم إياهم : اللهم احقن دماءنا ودماءهم ، وأصلح ذات بيننا وبينهم ، واهدهم من ضلالتهم ، حتى يعرف الحق من جهله ، ويرعوي عن الغي والعدوان من لهج به » [1] . هذا هو أدب علي بن أبي طالب أمير المؤمنين عليه السلام الذي أدبه به القرآن والإسلام ، وهذه هي طريقة شيعته وأصحابه الأخيار رضوان الله تعالى عليهم أجمعين . الأمر الثاني : اللعن لما أو لمن يرى فيهم اللاعن مظهراً من مظاهر الانحراف ، ونموذجاً للضلال والإضلال ، لا مجال للسكوت عليه ، ولا سبيل لمهادنته ، بل لا بد من إعلان الرفض والإدانة له ، والتبري منه . فيأتي اللعن كوسيلة للتعبير عن هذا الرفض ، والتبري ، والإدانة . وهذا الأسلوب قد أقره الإسلام ، وقبل به ، ومارسه في قبال أولئك الذين يمثلون خط الكفر والضلال ، والظلم ، والانحراف ، وذلك من منطلق التبري والرفض للانحراف ، والظلم والكفر والضلال نفسه ، وهو أمر يمارسه جميع أهل المذاهب والأديان بصورة طبيعية وعادية ، وهو من مقتضيات الاعتقاد وآثاره التي لا مجال لإنكارها من أي من الناس ، إلا أن جماعة قد شذوا وأنكروا ذلك ، وقد قال ابن أبي الحديد الشافعي وهو يعلق على الفقرة التي نقلناها آنفاً في نهي أمير المؤمنين عليه السلام عن السب - :
[1] نهج البلاغة ج 2 ص 211 ، الكلام رقم 201 ، والقصة بتمامها في : الاخبار الطوال ص 165 ، وصفين ص 103 ، وتذكرة الخواص ص 154 ، والفتوح لابن أعثم ج 2 ص 448 .