يؤثر على أهمية النتاج العلمي له رحمه الله ما دام أن التعرض لتحقيق كل أو جل الموضوعات التي تحتاج إلى ذلك يخرج عن دائرة القدرة لمئات وألوف من العلماء عبر حقب التاريخ المتلاحقة ، فضلاً عن أن يتمكن من ذلك رجل واحد يناضل في أكثر من مجال ، ويعيش الهموم الكبيرة ، ويواجه أحداثاً مصيرية خطيرة ، في عصر مثقل بالمشاكل ، وفي مجتمع بالغ التعقيد في أحواله وأوضاعه ، وعلاقاته بما ومن يحيط به . وحتى تلك القضايا التي بحثها وحققها هذا الرجل الفذ فإننا لا نلزم أنفسنا بالموافقة عليها حرفياً ، ومن دون تأمل أو تدبر ، بل قد نخالفه ونختلف معه في بعض جزئياتها ، وإن كنا نتفق معه ونؤيده ونشد من أزره في المسار والاتجاه العام . عودة إلى تسجيل التحفّظ : وبعد ما تقدم ، فإننا نعود إلى التذكير بما سبق وقدمناه ، من أن البعض قد يرغب في تسجيل تحفظ آخر على الشيخ المفيد ، ولكنه تحفظ لا يستهدف أسلوب المفيد - رحمه الله - ، ولا نهجه العلمي ، كما أنه لا يستهدف ما توصل إليه من نتائج على الصعيد الفكري ، لأن تلك هي قناعاته وأفكاره ، التي أدى إليها دليله المقنع ، وبرهانه القاطع للعذر ، وهو الذي يتحمل مسؤوليات ذلك ، وما ينشأ عنه من آثار ، ومن إلزام والتزام ، ما دام أنه على يقين من أنه قد أصاب كبد الحقيقة ، وأدرك عين الصواب ، من خلال النهج العلمي والموضوعي الذي اتبعه ، ورأى أنه لم يقصر في استيفاء عناصره الضرورية في مجال النفي أو الإثبات . ولكن تحفظه ينصب على ما أبداه المفيد رحمه الله من اهتمام بالنسبة لبعض الموضوعات التي كان يمكن الاعراض عن بحثها ، ما دامت تثير الكثير من الحساسيات ، التي لا داعي بل لا ثمرة من إثارتها ، وذلك مثل معالجته لموضوع إيمان أو عدم إيمان بعض الشخصيات الإسلامية ، التي كان لها موقع طليعي في إدارة دفة السياسة للحكم الإسلامي بعد وفاة الرسول الأعظم صلى الله