عدم مودة عائشة لأمير المؤمنين - عليه السلام - ، هو المشورة التي لم تكن في صالحها وكان قد عرضها على النبي صلى الله عليه وأله وسلم في قضية الإفك . ومعنى ذلك هو أن المفيد رحمه الله قد اعتمد الرواية التي تجعل الإفك متوجهاً إلى عائشة . مع أننا قد أثبتنا في كتابنا « حديث الإفك : تاريخ ودراسة » بالأدلة القاطعة ، والبراهين الساطعة : أن الإفك لم يكن على عائشة أصلاً بل كان على امرأة أخرى ، وهي مارية رحمها الله فيراجع هذا الكتاب من أحب التوسع في هذا الموضوع إلا أن يكون رحمه الله قد أجرى الكلام وفق ما قررته عائشة نفسها . حيث تعترف بأنها كانت تبغض علياً عليه السلام بغض النظر عن رأيه هو في أصل القضية ، من حيث صحتها أو فسادها . كما أنه قد تحدث في مورد آخر ، بطريقة يظهر منها ؛ أنه يرى : أن رقية وأم كلثوم ، زوجتي عثمان بن عفان ، قد كانتا بنتي رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم على الحقيقة . مع أننا قد أثرنا حول صحة هذا الأمر شبهات قوية ، وقلنا : إن الظاهر هو : أنهما كانتا ربيبتيه صلى الله عليه وأله وسلم ، ويصح إطلاق لفظ البنت على الربيبة ، وهو استعمال شائع ومعروف [1] . وفي اعتقادنا أن المفيد رحمه الله تعالى لو كان قد تصدى للتحقيق حول هاتين القضيتين لكان له رحمه الله منهما موقف آخر . ولربما كان أقدر منا على الوصول إلى نتيجة أكثر جزماً وحسماً ووضوحاً في هذا المجال ، إذ لعله كان قد سجل لنا بعض النصوص الهامة ، التي لم تشأ السياسات والعصبيات الاحتفاظ بها وتسجيلها ، فضاعت في كثير مما ضاع ، أو أريد له الضياع لسبب أو لآخر ، وبطريقة أو بأخرى . ولكن من الواضح : أن ذلك لا يقلل من عظمة شخصية الشيخ المفيد ، ولا
[1] راجع كتابنا : الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلى الله عليه وأله وسلم ، الجزء الأول . وكتابنا : بناء النبي ( ص ) أم ربائبه .