سريعة نلقيها على مؤلفات هذا الرجل تعطينا : أنه رحمه الله مع ترسُّله الظاهر في بيان مقاصده ، ما أسرع ما يعطيك انطباعاً بأنه يستوعب للمادة التي يريد استخدامها في بلورة أفكاره ، وتحس أنه متحكم فيها ، ومهيمن عليها ، وهو يتناولها بيسر وسهولة ووضوح ، ومن دون مساس منه بطبيعة النص وبنيته الأصلية ، بل هو يستخلص بعمق وبوعي حقائقه ودقائقه ، ويستل منه ببراعة فائقة إشاراته ومراميه . ثم هو يتباعد عن وحشي الكلام ، ويترفع عن الإسفاف ، ويعرض عن الإسراف ، معتصماً بالمنطق ، ومعتمداً الإنصاف في موارد الخلاف . ثم هو إلى جانب ذلك لا يفتأ يستحثُّ وجدان الإنسان ، ويستصرخ ضميره ، ويستنجد فكره وعقله ، ليكون الحكم العدل ، وليقول كلمة الفصل . الموقف المتوازن : وإمعاناً منا في إنصاف الحق والحقيقة ، ولكي لا نكون مغالين في نظرتنا لهذا الرجل العظيم والفذ ، فإننا نسجل هنا الحقيقة التالية : إننا نعتقد بأن المعصومين عن الذنب والخطأ والسهو هم ثلة من الأولين ، وهم الأنبياء والمرسلون - صلوات الله عليهم - ، وقليل من الآخرين ، وهم النبي صلى الله عليه وأله وسلم وفاطمة عليها السلام والأئمة الإثنا عشر صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين . وليس المفيد ولا غير المفيد واحداً من هؤلاء طبعاً . وهذا هو السر في أننا نجد غير هؤلاء المعصومين يقعون في بعض الأخطاء بنظرنا ، وذلك لأنهم في بعض الأحيان قد لا يهتمون في تحقيق بعض الحوادث ، ولا يولونها قسطها الذي تستحقه من البحث والتقصي . فالمفيد رحمه الله مثلاً يتحدث في بعض كتبه [1] عن أن من أسباب