1 - نوع يريد أن يتدين حسب هواه ، ووفق ما يحب ، فهو مع الدليل والبرهان ، إذا كان هذا الدليل يؤيد رأيه ، ويدعم مدعاه ، وإلاّ ، فهو لا يعترف بالدليل ، ولا يلتفت إليه ، ولا يؤمن به ولا يعوّل عليه . فالدليل عنده إن استطاع أن يحصل عليه ما هو إلا وسيلة غلبة ، وأداة تمنحه فرصة ، وتوفر عليه جهداً ، وتمكنه وتسهل عليه الوصول إلى ما يريد ، والحصول على ما يشتهي . وإن لم يتمكن من الحصول عليه ، فهو لا يتورع عن فرض آرائه ، ونظرياته ، وإلزام الآخرين بها ، بشراسة ولؤم . وبصلف وتعسّف ، فهو يهجّن ، ويتحدى ، ويضطهد كل فكر آخر ، ويستفيد من كل ما يتاح له من أساليب ووسائل غير إنسانية ، ولا أخلاقية في هذا السبيل . ولا عجب بعد هذا إذا رأيناه يحكم على الآخرين بالضلال والوبال ، وبالخروج عن الدين ، وبالكفر والزندقة ، ثم هو بعد هذا يستبيح كل حرمة ، ولا يرعى في من يخالفه الرأي إلا ولا ذمة على الإطلاق . ونجد نماذج بارزة من هذا النوع حتى في زماننا هذا في القرن العشرين . فتّش تجد . 2 - هناك نوع آخر من الناس لديه قناعة راسخة بأن أسلوب فرض الرأي على الآخرين خصوصاً فيما يرتبط بقضايا الفكر والإيمان والحياة أسلوب همجي بغيض ، بعيد عن المنطق ، وعن الإنصاف ، وعن الإنسانية أيضاً . ويرى : أن هذه الطريقة في النتيجة لا توصل إلى خير ، ولا تؤدي إلى سعادة ، ولا تسهمه في بناء حياة كريمة ، وفاضلة . بل هي تؤدي إلى الفوضى ، وتنتهي إلى العشوائية ، وإلى تحكم الأهواء ، وسيادة الباطل ، وقوة وتكريس الانحراف . ولأجل ذلك ، فإن هذا النوع من الناس يتعامل مع كل ما يريد أن يقدمه للآخرين ، وكل ما يورده الآخرون عليه ، على هذا الأساس ، ومن هذا المنطلق بالذات ، وبحسب ما يراه من الأدلة صالحاً ومقنعاً ، ومعذراً له في الإقدام أو