يعترضون على الشيخ المفيد : وبعد ما تقدم ، وإذ قد عرفنا شيئاً عن تلك الأجواء المتواترة ، والمشحونة بالمواقف السلبية والحادة ، تجاه حرية الفكر ، وتجاه الأحرار والمفكرين ، وتجاه حرية الاعتقاد والممارسة . وعرفنا أيضاً : أنه قد كان ثمة اتهامات ، تتمحور حول موضوع سب الصحابة ، كانت توزع هنا وهناك لتكون هي المبرر للتحرك السلبي والعنيف ، باتجاه ضرب فريق معين ، والقضاء عليه ، إلى درجة استئصاله ، وإزالته عن صفحة الوجود ، إن أمكن . الأمر الذي تسبب في حدوث فجائع وكوارث ، ومصائب وبلايا على درجة كبيرة من الخطورة . وعرفنا كذلك : أن هناك موضوعات وبحوث قد أثارها الشيخ المفيد في كتبه ، ومناظراته ، ومجادلاته ، أو أثيرت معه ، قد اعتبرها البعض أموراً خطيرة وحساسة ، كان ينبغي أن يتنزه عنها قلم المفيد ، وأن ينأى رحمه الله عنها بفكره وعقله ، لما تمثله من خروج على الخط الذي ينبغي برأي هؤلاء أن تسير حركة الفكر والوعي فيه . نعم . . من أجل ذلك ، فقد رأينا أن نعرض هنا لهذا الأمر بالذات ؛ ليتضح لنا مدى صواب هذا الأمر وخطئه ، ولنقف على المبررات التي رأى الشيخ المفيد وسواه ممن ينحون هذا المنحى : أنها تكفي عذراً لطرح ومعالجة هذه الموضوعات بالطريقة التي عالجوها بها . فنقول : الفكر الإرهابي ، والفكر الحر : هناك نوعان من الناس ، وبين هذين النوعين أنواع ، لا يهمنا التعرض لها .