كانت قائمة فيما بين السنة والشيعة . ليستفيد هو من ذلك في تدعيم حكمه ، وتقوية سلطانه . وإذا لم يجد هذا الاتهام فرصة ليصبح على درجة من القوة والثبوت ؛ فإننا لا بد أن نتصور معز الدولة رجلاً ليس في المستوى المطلوب من حيث النضج في مجال التحرك السياسي ، حيث وقع في أخطاء كبيرة وخطيرة ، من حيث يدري أو لا يدري . وعمدة ما يعتمد عليه في هذا المجال ، ما يرويه المؤرخون لو صدقوا من أنه في سنة 351 ه . في ربيع الآخر ، كتب عامة الشيعة ببغداد ، بأمر معز الدولة على المساجد ما هذه صورته : « لعن الله معاوية بن أبي سفيان ، ولعن من غصب فاطمة رضي الله عنها فدكاً ، ومن منع من أن يدفن الحسن عند قبر جده عليه السلام - ، ومن نفى أبا ذر الغفاري ، ومن أخرج العباس من الشورى » . فأما الخليفة فكان محكوماً عليه ، لا يقدر على المنع . وأما معز الدولة فبأمره كان ذلك . فلما كان الليل حكه بعض الناس ، فأراد معز الدولة إعادته ؛ فأشار عليه الوزير أبو محمد المهلبي بأن يكتب مكان ما محي : لعن الله الظالمين لآل رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم ، ولا يذكر أحداً في اللعن إلا معاوية . ففعل ذلك » [1] . وقد يحتمل البعض أن الحاكم هو الذي فعل ذلك ، فنسب ذلك إلى الشيعة
[1] الكامل في التاريخ ج 8 ص 542 - 543 ، وراجع : العبر وديوان المبتدأ والخبر ج 4 ص 442 ، وراجع : شذرات الذهب ج 3 ص 7 ، والنجوم الزاهرة ج 3 ص 332 - 333 ، ودول الإسلام ص 195 ، ومرآة الجنان ج 2 ص 346 ، والمنتظم ج 7 ص 8 ، وتاريخ الخلفاء ص 400 ، وتاريخ الإسلام للذهبي ( حوادث سنة 350 - 380 ه ) ص 8 ، والحضارة الإسلامية في القرن الرابع الهجري ج 1 ص 129 ، وفي هامشه عن أبي الفداء ج 2 ص 478 تحت عام 351 ، وبعض هذه المصادر لم يصرح باسم معزّ الدولة .