وقال ابن دقماق : « وصلب من الروافض ، والزنادقة ، والمعتزلة أعيانهم » [1] . ونقول : لقد أصبح أخيراً الاعتزال ، والمذهب الحنفي ، والتشيع والإسماعيلية ، مقالات تخالف الإسلام ، والمقصود هو الإسلام الحنبلي طبعاً . وأصبح الدين والمذهب يصح ، ولا يصح بمرسوم يصدره الحاكم . وبمقتضى هذا المرسوم يتدين الناس بهذا المذهب ، أو بذاك ، وليس استناداً إلى الحجة والدليل ، ولا من منطلق القناعات العقلية والوجدانية ، التي يجد الإنسان نفسه معذوراً إذا توفرت له ، وتكونت لديه . وأصبحت مخالفة الحاكم فيها يعتقده ويراه ويتدين به جرماً يستحق مرتكبه العقاب الأليم والرادع . وعليه أن يكتب تعهداً خطياً بذلك ، لتكون أقوى في الحجة , وأكد في التبرير . فما علينا إذن إلا أن تقلّد الحكام في مذاهبهم ومعتقداتهم ، وليس لنا أن نفكر ، ونبحث ، ولا أن ندرس ، ونتأمل ، ولا أن نتداول ونتباحث ، لنعرف الحق من الباطل ، والصحيح من السقيم ، والحقيقي من المزيف . لا ، ليس لنا ذلك ، بل التدريس ممنوع ، والمناظرة ممنوعة ، والكلام ممنوع . وعلى من تكون لديه قناعة بأمر من الأمور على أنه شرع الله ، ودينه ورسالته عليه أن يتخلى عن ذلك ، وأن يخالفه إلى شرع الحاكم ودينه ؛ فإن مخالفة الحاكم لا تجوز ، أما مخالفة الله سبحانه فلا مانع منها ، بل هي ضرورية وحتمية ، إذا كان حكم الله وشرعه يخالف حكم الحاكم وشرعه . ثم إننا لا ندري كيف ثبت للخليفة ومن وراءه من الحنابلة : أن المذهب الحنفي والتشيع ، والاعتزال ، والإسماعيلية مذاهب تخالف الإسلام ؟ وكيف
[1] الجوهر الثمين ص 190 ، وفي هامشه عن : العبر ج 3 ص 98 .