أم أن هذه هي رأس الحربة ، التي يراد التوصل بها إلى أهداف شريرة ولا إنسانية ؟ ! وأعجب من ذلك ، أن تكون شهوة العسكر واتباعهم طمعاً في النهب هي السبب الآخر لذلك . فأي عسكر هذا ، وما قيمة أتباعه إذا كانوا يريدون قتل العباد ، وإفساد البلاد ؟ ! . وهل يمكن أن يعتمد على هذا العسكر في إقامة الحق ، ونشر العدل ، والدين والفضيلة ؟ ! ويكون عماداً للملك الظافر ، والعز المنيع ؟ ! ثم يكون وسيلة لإشاعة الأمن ، ونشر السلام والرخاء في البلاد وعلى العباد ؟ ! . ولا ندري بعد هذا ما الذي نقوله في عامل القيروان ، الذي أغرى الناس وحرضهم على ارتكاب تلك الجريمة المهولة ، لأنه أراد إفساد البلاد ، حينما خاف عزل المعز له . فإذا كان هذا هو فعله الظاهر من أجل المال والملك ، فماذا عساه كان يفعل بالرعية ، وكيف كان يسوسها في الباطن وما هي الأساليب التي كان يتبعها لتحقيق مآربه الشريرة ، وأهدافه الشيطانية . وأما الشعراء الذين كانوا يعبرون في شعرهم عن فرحهم وسرورهم . وكذلك المؤرخون الذين لم يتفوهوا بكلمة إدانة لهذا العمل الإجرامي الشنيع ، مع حرصهم على تخير أبشع الألفاظ للتعبير عن سخطهم على الشيعة لإقامتهم مأتم العزاء للإمام الحسين عليه السلام - ، فيوجهون إليهما ما شاؤوا من قوارع القول وقواذعه ، أما هؤلاء ابن كثير وابن الأثير ، وابن تغري بردى ، والذهبي وغيرهم فإن الله حسبهم ، وهو الذي يتولى حسابهم على هذا الظلم الفاحش ، والبغي الغبي والبغيض . 23 - سنة 408 ه . « إن الفتنة بين الشيعة والسنة تفاقمت ، وعمل أهل نهر القلائين باباً على موضعهم ، وعمل أهل الكرخ باباً على الدقاقين مما يليهم . وقتل الناس على هذين البابين . وركب المقدام أبو مقاتل . وكان على الشرطة ليدخل الكرخ فمنعه أهلها ، والعيارون الذين فيها وقاتلوه ، فأحرق الدكاكين ،