هجرة النبي صلى الله عليه وأله وسلم ! ! كما قدّمنا .
ثم إن ابن كثير قد حاول تخفيف قبح ذلك ، حينما نسب هذا الفعل إلى طائفة من جهلة أهل السنة . مع أن المؤرخين الآخرين ، وهم أقدم منه قد صرحوا بأن أهل السنة قد فعلوا ذلك ولم يشيروا إلى العوام بشيء في هذا المورد .
وأخيراً ، فإننا نشكر ابن كثير على اعترافه بأن هذا الفعل كان بدعة من أناس هو نفسه يقول عنهم إنهم يقتدون ، ولا يبتدعون كما أسلفنا عنه .
فتنة ، ونفي المفيد :
17 - سنة 392 ه‌ . ق : قال اليافعي : « فيها زاد أمر الشطار ، وأخذوا الناس ببغداد نهاراً جهاراً ، وقتلوا ، وبدّعوا ، وأضلوا بعض ذلك ببعض ، وكثروا وصار فيهم هاشميون ، فسيّر بهاء الدولة وكان غائباً عميد الجيوش إلى العراق ليسوسها ؛ فقتل وصلب ، ومنع السنّة والشيعة من إظهار مذهب » وزاد في بعض المصادر قوله :
« ونفي ابن المعلم فقيه الشيعة ، وقامت هيبته » [1] .
18 - سنة 393 ه‌ . وقالوا : وفيما منع عميد الجيوش من النوح على الحسين في يوم عاشوراء ، ومنع جهلة السنّة من النوح على مصعب بن الزبير [2] .
فيظهر من عبارة اليافعي السابقة : أن غير الشيعة هم رواد هذا الذي حصل ، لأن الاتهام بالضلال ، وبالبدعة ، إنما كان في الأكثر يأتي من قبل

[1] راجع : فيما تقدم : مرآة الجنان ج 2 ص 444 ، وتاريخ الإسلام للذهبي ( حوادث سنة 380 - 400 ه‌ ) ص 255 ، ودول الإسلام ص 210 ، والمنتظم ج 7 ص 222 - 220 ، والكامل في التاريخ ج 9 ص 178 .
[2] راجع : البداية والنهاية ج 11 ص 332 ، وتاريخ الصابي ( مطبوع على أنه ذيل لتجارب الأمم ) ج 6 ص 458 ، وتاريخ الإسلام ( حوادث سنة 380 - 400 ه‌ ) ص 227 ، والنجوم الزاهرة ج 4 ص 206 ، وقال : إنهم ابتدعوا ذلك في مقابل الرافضة .

26