يظهرون فيه الحزن على الحسين بن علي ، قابلتهم طائفة أخرى من جهلة السنّة ، فادّعوا أنّ في اليوم الثاني [1] عشر من المحرم قتل مصعب بن الزبير ؛ فعملوا له مأتماً ، كما تعمل الشيعة للحسين ، وزاروا قبره ، كما يزار قبر الحسين ، وهذا من باب مقابلة البدعة ببدعة مثلها » . ولا يرفع البدعة إلا « السنّة الصحيحة » ودامت السنّة على هذا الشعار القبيح مدة سنين [2] . ونقول : إنّنا نسجل هنا تعجبنا واستغرابنا ؛ لأن يرضى إخواننا أهل السنّة بأن يكون مصعب بن الزبير السفّاك للدماء [3] ، بديلاً عن ريحانة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وسيد شباب أهل الجنة صلوات الله وسلامه عليه - ؟ وكيف يمكن أن نتصوّر التسوية بين من ثار لطلب الإصلاح في أُمّة جده ، وبين من يحارب لأجل الملك والسلطان ، وانطلاقاً من الحمية والعصبية ؟ ! . كما أنّنا لا ندري كيف صار اليوم الثامن عشر من المحرم هو يوم قتل مصعب ! مع أنّ مصعباً قد قتل في النصف من جمادى الأولى من سنة اثنين وسبعين ، كما هو معروف [4] . أضف إلى ذلك : إنّه كيف خفي هذا الأمر على علماء أجلاّء من طائفة كبيرة منتشرة في طول البلاد وعرضها ، فلم يلتفتوا وإذا كانوا قد التفتوا فلماذا لم يلفتوا نظر أتباعهم طيلة عشرات السنين إلى هذا الخطأ الفاحش والمعيب ؟ ! . تماماً كما لم يلفتوا نظرهم إلى ذلك الخطأ
[1] الصحيح : الثامن . كما يعلم من سائر المصادر . [2] راجع : البداية والنهاية ج 11 ص 325 - 326 ، وشذرات الذهب ج 3 ض 130 ، والمنتظم ج 7 ص 206 ، والكامل في التاريخ ج 9 ص 155 ، وتاريخ الإسلام للذهبي ( حوادث سنة 380 - 400 ه ) ص 25 ، وعن تاريخ كزيده ص 148 ، وذيل تجارب الأمم للوزير أبي شجاع ج 3 ص 339 - 340 . [3] سير أعلام النبلاء ج 4 ص 141 ، وفي تاريخ بغداد ج 13 ص 106 : اتهام له بأنّه كان يشرب ! . [4] راجع : على سبيل المثال : سير أعلام النبلاء ج 4 0 ص 143 ، والطبقات الكبرى ج 5 ص 183 .