« فصاحب الشرطة المؤتمن على دماء الناس ، وأموالهم وأعراضهم هو الذي يتولّى قتل الناس ، وليس واحداً واثنين ، بل هو يقتل طائفة منهم ، لا لشيء إلاّ لأنّهم يخالفونه في المذهب ، حتى إذا لاقى هذا المجرم جزاءه فإنّ القلاقل تعود إلى الظهور ، ويعود خوف الناس على أنفسهم وأموالهم » [1] . 12 - سنة 367 ه . « قيل لعضد الدولة : إنّ أهل بغداد قد قلُّوا كثيراً ، بسبب الطاعون ، وما وقع بينهم من الفتن ، بسبب الرفض والسنّة . وأصابهم حريق وغريق . فقال : إنّما يهيّج بين الناس هؤلاء القصاص والوعاظ ، ثم رسم أنّ أحداً لا يقص ولا يعظ في سائر بغداد ، ولا يسأل سائل باسم أحد من الصحابة » [2] . ونقول : إنّ من الواضح : أنّ القصاصين ما كانوا في الأكثر من الرافضة ، كما أنّ السؤال باسم فاطمة وعلي عليهما السلام لم يكن ليهيّج أحداً ، ولا ليثير عصبية أي من الناس . وذلك لأنّ الجميع متفقون على لزوم تبجيل أهل البيت ومحبّتهم واحترامهم . هذا من وجهة نظر عقيدية على الأقل . فيظهر : أنّه قد كان ثمة أشخاص يسألون الناس باسم بعض الصحابة الذين حاربوا علياً عليه السلام - ، مثل معاوية ، وطلحة ، والزبير . بهدف إثارة بعض الشيعة ، والتسبب في حدود تشنجات وصدامات لا مبرر لها إلاّ حبّ إثارة الفتنة ، وإلاّ مرض القلب ، وانعدام الورع والتقوى . وقد كانت النتيجة هي : أن يقل أهل بغداد كثيراً بسب أمثال هذه الفتن .
[1] تجارب الأمم ج 2 ص 355 . [2] البداية والنهاية ج 11 ص 289 ، وراجع : المنتظم ج 7 ص 88 ، وراجع : سير أعلام النبلاء ج 16 ص 509 ، وتاريخ الإسلام للذهبي ( حوادث سنة 350 - 380 ه ) ص 153 .