بالشيعة ، وحاربوهم ، وسفكوا الدماء . وأحرقوا عليهم بيوتهم وأموالهم بالكرخ . كلّ ذلك بلا مبرر ظاهر ، ولا حجة بيّنة . والذي يثير دهشتنا هنا هو تعليل ابن كثير لإحراق الكرخ بقوله : « لأنّه محل الرافضة » فهل كونه محلاً لهم يوجب إحراقه ولا تبقى له ولهم حرمة ؟ ! . 10 - سنة 364 ه . « حصب ببغداد من العيارين قواد منعوا الماء أن يصل إلى الكرخ ، وكان فيهم قائد معروف بأسود الزبد إلخ » [1] . والكرخ كما هو معلوم مجتمع الشيعة الإمامية في ذلك العصر ، وليس فيه سنّي البتة [2] وليس منع الماء من الأمور التي يرضاها العقل ولا الوجدان ، ولا الضمير ، حتى بالنسبة إلى الكفرة والمشركين ، فضلاً عن المسلمين والمؤمنين ، لا سيّما إذا كان هناك أطفال رضّع ونساء وصبيان وشيوخ . ولم يكن ليحل قتال المسلم للمسلم ، فضلاً عن أن يمنع عنه الماء ، وقد سبق هذا ما جرى في صفّين ، من منع الماء عن أصحاب علي عليه السلام - ، ولكن علياً لمّا ملك الماء لم يستحل أن يمنعهم منه . 11 - سنة 364 ه . في هذه السنة أيضاً : « ظفر ابن بقية المعروف بابن أبي عقيل صاحب الشرطة ، الذي كان من قبل سبكتكين . وكان من أهل السنّة ، وقد قتل طائفة من أهل الشيعة ، فأمر بقتله . فقتل في وسط الكرخ بين العامة ، فزادت ضراوة العيارين ، وعاد الفساد ، وخاف التجار على أنفسهم وأموالهم » [3] .
[1] تكملة تاريخ الطبري ج 1 ص 217 ، وفي هامشه عن الإمتاع والمؤانسة ج 3 ص 160 . [2] الحضارة الإسلامية في القرن الرابع الهجري ج 1 ص 133 ، وفي هامشه عن ياقوت ج 4 ص 255 . [3] راجع : صفين للمنقري ص 161 حتى ص 193 - 86 ، وراجع : الفتوح لابن أعثم ج 3 ص 1 - 2 - 23 ، والأخبار الطوال ص 168 ، وشرح النهج للمعتزلي ج 1 ص 24 ، وراجع : الكامل في التاريخ ج 3 ص 284 ، وتاريخ الأمم والملوك ج 4 ص 571 - 572 .