أنّهم مخطئون ومعتدون ، بل ما نريده هو فقط أن ننظر إلى هذا الذي جعل نفسه أميناً على نفوس الناس وأموالهم وأعراضهم ، وهو حضرة الوزير الذي لم يطلب المذنبين ليعاقبهم ، ولا حقق في الأمر ليعرف المحقّ من المبطل ، بل هو قد أخذ البرئ بالمسيء ، فقتل سبعة عشر ألف ، أو عشرين ألف إنسان حرقاً بالنار ؟ ! ولا ندري كيف جاز له ذلك ؟ كما لا ندري كيف جاز له أن يحرق المساجد ، والدور والدكاكين والأموال ! ثمّ هو يجازي من يعترض على فعله هذا بصرفه عمّا كان يتولاّه من أمر المسلمين ! وإذا كان قد فعل ذلك انطلاقاً من تعصبه الشديد للسنّة ، فهل يصلح من يفعل هذه الأفاعيل من منطلق التعصّب لتوليّ أُمور المسلمين ؟ ولأن يكون أميناً على دمائهم ، وأموالهم ، وأعراضهم ؟ ! . وإذا كان هذا هو فعل الوزير بهؤلاء الناس الأبرياء ؛ فإلى من يلتجئ من يتعرض منهم للنكبات والمصائب ، ويواجه الظلم والبغي والتعدّي ؟ ! لا ندري ، ولعلّ الوزير فقط هو الذي يدري . شريط سينمائي عن حرب الجمل : 8 - سنة 363 ه . قال ابن الأثير وأشار إلى ذلك ابن خلدون أيضاً - : « وكان أبو تغلب قد قارب بغداد فثار العيارون بها ، وأهل الشرّ بالجانب الغربي ، ووقعت فتنة عظيمة بين السنّة والشيعة . وحمل أهل سوق الطعام . وهم من السنّة امرأة على الجمل ، وسمّوها عائشة ، وسمّى بعضهم نفسه طلحة ، وبعضهم الزبير ، وقاتلوا الفرقة الأُخرى ، وجعلوا يقولون : نقاتل أصحاب علي بن أبي طالب ، وأمثال هذا من الشرّ . وكان الجانب الشرقي آمناً ، والجانب الغربي مفتوناً إلخ » [1] . وقد تكرّرت هذه التمثيلية المهزلة والمخجلة مرة أخرى في سنة 375 ه وقد عملت في نفس يوم عاشوراء على ما يظهر .
[1] الكامل لابن الأثير ج 8 ص 232 ، وراجع : العبر ج 4 ص 447 .