فالقضية إذن ليست هي قضية سب أحد ، أن عدم سبه ، وإنما هي قضية الإمامة والخلافة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم . وما الالتجاء إلى العنف بحجة السب ، إلا سلاح العاجز في مقام الحجاج والاستدلال العلمي الهادئ والموضوعي . وآية ذلك : أنهم يسكتون عن سفلهم الصالح ! ! مع أنهم كانوا يلعنون أخا النبي ووصيه علياً أمير المؤمنين عليه السلام على عشرات الألوف من منابر المسلمين في الشرق والغرب ، ويسكتون في هذه الأيام أيضاً عمن يتهجم عليه وعلى ولده الحسين ، وهما من أعظم الصحابة ، ثم يسكتون عمن يبتدع عيد مصعب ، وعيد الغار ، ويسب الصادق عليه السلام - . . و وإلى آخر ما تقدم . نعم إنهم يسكتون على ذلك كله وسواه حسبما قدمناه ، ولكنهم يحاربون من يظهرون الحزن على الإمام الحسين في عاشوراء ، ويستحلون دماءهم وأموالهم ، حسبما أسلفناه . فإنا لله وإنا إليه راجعون ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم . السياسات الظالمة تغفر الذنوب : وبعد ؛ فإن الخلفاء العباسيين الأوائل ، قد كانوا في بادئ الأمر يصلون حبل وصايتهم بعلي - عليه السلام وينكرون شرعية خلافة أبي بكر ، وعمر ، وعثمان . وقد قال داود بن علي العباسي ، في أول خطبة له ، حين انتهى الأمر لبني العباس : « لم يقم فيكم بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلا علي بن أبي طالب ، وهذا القائم فيكم » وأشار إلى السفاح ، أو نحو ذلك [1] .
[1] راجع : مروج الذهب ج 3 ص 237 - 256 ، وتاريخ الأمم والملوك ج 1 ص 33 - 37 ، وعيون الاخبار لابن قتيبة ج 2 252 ، وتاريخ اليعقوبي ج 3 ص 87 - 88 ، والكامل في التاريخ ج 4 ص 326 ، والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج 3 ص 129 - 173 ، وإمبراطورية العرب ص 422 ، والبداية والنهاية ج 10 ص 42 ، وشرح النهج للمعتزلي ج 7 ص 155 .