حينما كان في دمشق عما روي لمعاوية من فضائل ، قال : « أما يرضى معاوية أن يخرج رأساً برأس حتى يُفضل ؟ » وفي رواية أنه قال : ما أعرف له فضيلة إلا « لا أشبع الله له بطناً » . فما زالوا يدفعونه حتى أخرجوه من المسجد ، وداسوه ، ثم داسوه ، ثم حُمل إلى الرملة ، فمات وهو منقول بسبب ذلك الدوس [1] . وقال الذهبي عن النسائي : « إلا أن فيه قليل تشيع وانحراف عن خصوم علي ، كمعاوية ، وعمرو ، والله يسامحه » [2] . ما نرمي إليه : والذي نريد أن نقوله ، بعد كل تلك النصوص ، وهي قليل من كثير ، هو : أن هناك أناساً يزعمون أنهم يدافعون عن صحابة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، ويهاجمون من يسبهم ، ويتنقصهم ، ولكن مراقبة أفعال هؤلاء تعطينا : أنهم إنما يصبون جام غضبهم على خصوم الشيعة الذي أدبهم أئمتهم عليه السلام على عدم سب أحد من الناس ، وإنما هم يقدمون رأيهم الفكري بالنسبة لبعض الصحابة ، مدعوماً بالأدلة والبراهين ، كما أنهم لا يعترفون بشرعية خلافة بعض الخلفاء منهم ، لما توفر لديهم من أدلة على عدم شرعيتها . أما الذين يسبون بعض الصحابة حقاً ويتنقصونهم بالفعل ، كالذين ذكرناهم آنفاً ، فهم موضع إجلال وإكبار ، وتقدير ، واحترام ، من هؤلاء الناس لا لشيء ، إلا لأنهم قد اعترفوا بخلافة هؤلاء الخلفاء . أو اقتضت سياستهم الاعتراف بهم .
[1] الحضارة الإسلامية في القرن الرابع الهجري ج 1 ص 121 وفي هامشه عن وفيات الأعيان ( فستنفلد 1835 ) 0 ج 1 ص 37 . قال : وأنظر أيضاً طبقات السبكي ج 2 ص 84 . ونقول : راجع وفيات الأعيان ج 1 ص 77 ، والبداية والنهاية ج 11 ص 124 ، ومرآة الجنان ج 2 ص 241 ، وتذكرة الحفاظ ج 2 ص 700 ، وراجع ص 699 ، وشذرات الذهب ج 2 ص 240 ، وراجع : سير أعلام النبلاء ج 14 ص 132 ، وتهذيب الكمال ج 1 ص 339 ، وتهذيب التهذيب ج 1 ص 38 ، والمنتظم ج 6 ص 131 . [2] سير اعلام النبلاء ج 9 ص 133 .