ولا ندري ماذا نقول ، لمن يدعي : أن الخلافة ليست من الشؤون التي يرجع البت فيها إلى الله ورسوله ، وليست خلافة الخلفاء بعد الرسول من الشؤون العقائدية والدينية عنده . ثم هو من جانب آخر يتخذ هذا الموقف القاسي تجاه من لا يوافقه الرأي في الخلفاء ، وفي شرعية تصديهم لهذا الأمر بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم . علي عليه السلام يتحدث عن محاربيه : ثم إنه لا ريب في أن علياً أمير المؤمنين عليه السلام هو ذلك الرجل الذي لا يشك أحد في علمه ، ودينه ، واختصاصه برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وفضله ، وصدقه ، وصواب رأيه ، وثاقب فكره . وهو مع القرآن ، والقرآن معه ، ومع الحق ، والحق معه ، يدور معه حيث دار ، وقد استحلت عائشة وطلحة والزبير ، ومن معهم من صحابة وغيرهم دمه عليه السلام - . فلماذا يحكمون بنجاة هؤلاء وباجتهادهم ، ولا يحكمون باجتهاد غيرهم ، مع اعترافهم ، بوجود مجتهدين ممن عدا الصحابة أيضاً . ومنهم أئمة المذاهب الأربعة ؟ ! . كما أن أمير المؤمنين باب مدينة علم النبي قد حكم على محاربيه في الجمل ، وهم من الصحابة المعروفين ، ولهم مكانة مرموقة حكم عليهم بالكفر والارتداد ، كما حكم بذلك على محاربيه في صفين . فمما قال عليه السلام حول محاربيه في الجمل : « ما نزل تأويل هذه الآية إلا اليوم : * ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ ) * إلخ [1] . ومثل ذلك روى عمار ،
[1] سورة المائدة ، آية : 54 ، وهذا يدل على أن مانعي الزكاة في عهد أبي بكر ما كانوا مرتدين . فإطلاق اسم حروب الردة على تلك الحروب فيه مسامحة ظاهرة .