الناس فاجتمعوا فأخذ بيد علي عليه السلام فقال : من كنت مولاه فعلي مولاه ، فشاع ذلك وطار في البلاد ، وبلغ ذلك الحارث بن النعمان الفهري فأتى رسول اللّه على ناقته حتى أتى الأبطح فنزل عن ناقته فأناخها وعقلها وأتى النبي وهو في ملأ من أصحابه فقال : يا محمد ! أمرتنا عن اللّه أن نشهد أن لا إله إلا اللّه وأنك رسول اللّه فقبلناه منك ، وأمرتنا أن نصلّي خمساً فقبلناه منك ، وأمرتنا أن نصوم شهراً فقبلناه منك ، وأمرتنا أن نزكّي أموالنا فقبلناه منك ، وأمرتنا أن نحجّ البيت فقبلناه ! ثم لم ترض بهذا حتى رفعت بضبعي ابن عمك ففضّلته علينا وقلت : من كنت مولاه فعلي مولاه ! فهذا شيء منك أم من اللّه ؟ فقال : والذي لا إله إلا هو إنه من أمر اللّه ! فولّى الحارث بن النعمان يريد راحلته وهو يقول : اللهم إن كان ما يقول محمد حقاً فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَاب أَلِيم ! فما وصل إليها حتى رماه اللّه بحجر فسقط على هامته وخرج من دبره فقتله ، وأنزل اللّه تعالى : ( سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَاب وَاقِع لِلْكَافِرِينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ ) . وقد روى هذه الرواية النقاش من علماء الجمهور في تفسيره . البرهان الثالث قوله تعالى : ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسلام دِيناً ) . روى أبو نعيم بإسناده إلى أبي سعيد الخدري قال : إن النبي صلّى اللّه عليه وآله دعا الناس إلى علي في غدير خم ، وأمر بما تحت الشجر من الشوك فقُمَّ ، ودعا علياً فأخذ بضبعيه فرفعهما حتى نظر الناس إلى بياض إبطيْ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله ثم لم يتفرقوا حتى نزلت هذه الآية : ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسلام دِيناً ) ، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله : « اللّه أكبر على إكمال الدين وإتمام النعمة ورضا الربّ برسالتي وبالولاية لعلي من بعدي » ثم قال : « من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ، وانصر من نصره واخذل من خذله » !