وأنه رتّب لجميع أرباب المشاهرات حماماً يدخلون إليه متى احتاجوا وفيه من يقوم بخدمتهم [1] . وكان المريض من أرباب هذا الوقف يطبّب مجّاناً ، ويعطى ما يوصف له من الأدوية والأشربة والأكحال السائلة والسكر والفراريج وغير ذلك [2] . وقد رتّب في المدرسة من الأمور الدالّة على تفقده لأحوال أهل العلم ، وكثرة فكرته فيما يقضي براحتهم وإزاحة عللهم مما هو معروف لمن شاهد وسمع به . هذا عدا ما كان من صلات وصدقات إلى من يرد من العلماء والزهاد والأدباء وسائر الطبقات [3] . أقول : هذه خلاصة ما كان في المدرسة المستنصرية الموقوفة على المذاهب الأربعة فقط ، من الرواتب والمشاهرات وغيرها لطلاب مدرسة الفقه فيها . . ولم نتعرّض لما كان يجري لغيرهم فيها ، من طلاب دار الحديث ، ودار القرآن وغير ذلك . ومن الجدير بالذكر ، ويشهد بما ذكره العلاّمة رحمه اللّه ، أن هذه الرواتب والمشاهرات لما انقطعت وقيل للفقهاء وغيرهم : من يرضى بالخبز وحده وإلا فما عندنا غيره ، ثاروا على من بيده وقوف المدرسة ، ونالوا منه ، وأسمعوه قبيح الكلام ، فحماه منهم بعضهم ، وخلّصه من أيديهم ، فاتّصل ذلك بالحكّام وعزلوا صدر الوقوف ! ! [4] . وأيضاً ، فقد ذكروا بترجمة الحافظ ابن النجار : أنه لمّا ورد بغداد كانت عنده أموال ، فلم يسكن داراً وقفيّة عرِض عليه سكناها ، فلمّا فتحت المستنصرية عيّن عليه
[1] تاريخ المستنصرية 1 / 73 . [2] تاريخ المستنصرية 1 / 58 . [3] تاريخ المستنصرية 1 / 106 . [4] تاريخ المستنصرية 1 / 97 ، 127 .