ثم تلاشت دولة بني أمية ونشأت دولة بني العباس ، فوجدوا بني أميّة قد وطأوا لهم المملكة لأمر لا يحتاجون فيه إلى مصانعة آل علي عليه السلام ومداراتهم ، لعلمهم أن المملكة بالأصالة لهم ، فأقرّوا الوظائف التي قررّها بنو أمية في إخماد نار الطالبيين على حالها ، وساسوا الناس بها ، وتناولوها هنيّة مريّة ، وأمدّوا العالم المعاون على أغراضهم بالأموال ، واستخدموا على ذلك الرجال ، ووهبوا على ذلك مقامات ومراتب وولايات وهبات وصدقات . فلما أحسّ الطالبيون بولاية بني عباس ، وأخذت حقوقهم بغير حق ، هاجروا إلى الأطراف والأوساط ، خوفاً من القتل والسياط ، وخاطبوهم في القيام عن هذا البساط . فندب لهم العباسيون الرجال ، وأعدّوا لهم القتال ، وتولاّهم المنصور ، حتى قتل منهم الألوف ، وشرّد منهم الألوف ، ومن وقف على ( مقاتل الطالبيين ) عرف ما جرى من بني العباس على آل علي عليه السلام . حتى حطّموا شجرتهم ، وفرّقوا كلمتهم ، وأفنوا أموالهم ، وأبادوا رجالهم . واضطر بنو العباس إلى إقامة دعوتهم ، ونشر كلمتهم ، ومراعاة مملكتهم ، وحراستها من آل علي عليه السلام ، نسقاً على عناد بني أمية . فلما استقرّت دولتهم ، وأهيبت صولتهم ، حتى فهموا أن شجرة الطالبيين متفرقة ، والأغصان ذابلة ، والأفنان ناقصة الري ، مخضودة الشوك ، يابسة الشرب . فعندها استقرّوا وسكنوا ، ولم يأمنوا حتى علموا أن جميع الرعايا في البلاد والآفاق المشرقية والمغربية أعداء لآل محمد صلّى اللّه عليه وآله ، يفضّلون أصحابه عليهم ، ولا يأنسون بذكرهم . . . . ثم انهمكت الخلفاء والملوك من العرب والعجم في استعمالهم الكذب وارتكاب المنكرات ، التي لا تجب لمثلهم على سبيل النبوة المحمديّة والخلافة العلويّة التي فرضها اللّه تعالى وسنّها محمد صلّى اللّه عليه وآله وأمر بها ونصّ عليها . فاضطرّوا إلى وضع المدارس مشغلة للعوام التي ألفت بالقلوب والأوهام السماطات