واليها محمد بن إبراهيم : « سمعت - أرشد اللّه سعيكم وجمع على التقوى أمركم - ما تكلّفكم به السّلطان الذي لا يحتمل إلا العدل ، ولا يميل إلا على جانب الفضل ، ولا يبالي بأن يمزق دينه إذا رفا دنياه ، ولا يفكر في أن لا يقدّم رضا اللّه إذا وجد رضاه ، وأنتم ونحن - أصلحنا اللّه وإياكم - عصابة لم يرض اللّه لنا الدنيا ، فذخرنا للدار الأخرى ، ورغب بنا عن ثواب العاجل فأعدّ لنا ثواب الأجل ، وقسّمنا قسمين : قسماً مات شهيداً ، وقسماً عاش شديداً ، فالحيّ يحسد الميت على ما صار إليه ، ولا يرغب بنفسه عما جرى عليه . قال أمير المؤمنين ويعسوب الدين عليه السلام : المحن إلى شيعتنا أسرع من الماء إلى الحدور . وهذه مقالة أسّست على المحن ، وولد أهلها في طالع الهزاهز والفتن ، فحياة أهلها نغص ، وقلوبهم حشوها غصص ، والأيام عليهم متحاملة ، والدنيا عنهم مائلة ، فإذا كنّا شيعة أئمتنا في الفرائض والسنن ، ومتّبعي آثارهم في ترك كلّ قبيح وفعل حسن ، فينبغي أن نتّبع آثارهم في المحن . غصبت سيدتنا فاطمة عليها السلام وعلى آلها ميراث أبي ها عليها السلام سرّاً . وقتل أخوه عليه السلام جهراً . وصلب زيد بن علي بالكناسة . وقطع رأس زيد بن علي في المعركة [1] . وقتل ابناه محمد وإبراهيم على يد عيسى بن موسى العباسي . ومات موسى بن جعفر في حبس هارون ، وسُمَّ علي بن موسى بيد المأمون . وهزم إدريس بفخ حتى وقع إلى الأندلس فريداً .