ومات عيسى بن زيد طريداً شريداً . وقتل يحيى بن عبد الله بعد الأمان والإيمان وبعد توكيد العهود والضمان . هذا غير ما فعل يعقوب بن الليث بعلويّة طبرستان ، وغير قتل محمد بن زيد والحسن بن القاسم الداعي على أيدي آل ساسان ، وغير ما صنعه أبو السيّاح في علويّة المدينة ، حملهم بلا عطاء ولا وطاء من الحجاز إلى سامراء ، وهذا بعد قتل قتيبة بن مسلم الباهلي لابن عمر بن علي حين أخذه بابويه ، وقد ستر نفسه ووارى شخصه ، يصانع حياته ويدافع وفاته ، ولا كما فعله الحسين بن إسماعيل المصعبي بيحيى بن عمر الزيدي خاصة ، وما فعله مزاحم بن خاقان بعلوية الكوفة كافة . وبحسبكم أنه ليست في بيضة الإسلام بلدة إلا وفيها لقتيل طالبي تربة ، تشارك في قتله الأموي والعباسي ، وأطبق عليهم العدناني والقحطاني . فليس حي من الأحياء نعرفه * من ذي يمان ولا بكر ولا مضر إلا وهم شركاء في دمائهم * كما تشارك أيسار على جزر قادتهم الحميّة إلى المنيّة ، وكرهوا عيش الذلّة ، فماتوا موت العزة ، ووثقوا بما لهم في الدار الباقية ، فسخت نفوسهم عن هذه الفانية . داس عثمان بن عفان بطن عمّار بن ياسر بالمدينة ، ونفى أبا ذر الغفاري إلى الربذة ، وأشخص عامر بن عبد قيس التميمي ، وغرّب الأشتر النخعي وعدي بن حاتم الطائي ، وسير عمر بن زرارة إلى الشام ، ونفى كميل بن زياد إلى العراق ، وجفا أبي بن كعب وأقصاه ، وعادى محمد بن حذيفة وناواه ، وعمل في دم محمد بن سالم ما عمل ، وفعل مع كعب ذي الحطبة ما فعل . واتبعه في سيرته بنو أمية ، يقتلون من حاربهم ، ويغدرون بمن سالمهم ، لا يحظون المهاجري ، ولا يصونون الأنصاري ، ولا يخافون اللّه ، ولا يحتشمون الناس ، قد اتخذوا عباد اللّه خولاً ، ومال اللّه دولاً ، يهدمون الكعبة ، ويستعبدون الصّحابة ،