وأنه قدم من البادية . فقال له ابن طومار : لم يعقب الحسن - وكان قوم يقولون : إنه أعقب وقوم قالوا : لم يعقب - فبقي الناس في حيرة من أمره ، حتى قال ابن طومار : هذا يزعم أنه قدم من البادية وسيفه جديد الحلية والصنعة ، فابعثوا بالسيف إلى دار الطاق وسلوا عن صانعه وعن نصله . فبعث به إلى أصحاب السيوف بباب الطاق ، فعرفوه واحضروا رجلاً ابتاعه من صيقل هناك ، فقيل له : لمن ابتعت هذا السيف ؟ فقال : لرجل يعرف بابن الضبعي ، كان أبوه من أصحاب ابن الفرات ، وتقلّد له المظالم بحلب ، فأحضر الضبعي الشيخ ، وجمع بينه وبين هذا المدّعي إلى بني أبي طالب ، فأقرّ بأنه ابنه ، فاضطرب الدّعي وتلجلج في قوله ، فبكى الشيخ بين يدي الوزير حتى رحمه ووعده بأن يستوهب عقوبته ويحبسه أو ينفيه . فضج بنو هاشم وقالوا : يجب أن يشهَّر هذا بين الناس ويعاقب أشدّ عقوبة . ثم حبس الدعيّ وحمل بعد ذلك على جمل وشهَّر في الجانبين ، يوم التروية ويوم عرفة ، ثم حبس في حبس المصريين بالجانب الغربي » [1] . أقول : فهذه هي ( الحكاية ) الواردة في ( صلة تاريخ الطبري ) وهل هي ( واقعة ) أوْ لا ؟ اللّه العالم . . ولكنها كما ترى لا ذكر فيها ل ( المهدي ) ، بل الرجل ادّعى كونه ( محمد بن الحسن بن علي بن موسى بن جعفر الرضا ) وهذا غير ( المهدي ) الذي تقول به الشيعة ويعترف به من غيرهم جماعة ، فإنه ( محمد بن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر الصادق ) والذي أنكر ابن طومار - وغيره ممن أنكر ، بناء على صحة الخبر واعتبار ما صدر عنهم من الإنكار - هو من أعقاب ( الحسن بن علي بن
[1] صلة تاريخ الطبري ، المطبوع معه . أنظر 34 - 35 .