ولماذا لم يذكر أبو داود القصّة ، كما نبّه عليه ابن الأثير وصاحب المشكاة وغيرهما ؟ ثم جاء صاحب ( التاج ) فلم يذكر قوله : « وذكر قصّة يملأ الأرض عدلاً » أصلاً ، مما يؤكّد أن هذه القطعة لم تكن من الحديث . ويزيده تأكيداً أن الحافظ البيهقي رواه في كتاب ( البعث والنشور ) عن أبي إسحاق كذلك ، أي إلى قوله : « يشبهه في الخُلق ولا يشبهه في الخَلق » [1] . وأمّا مفاد الحديث ومدلوله ، فإنه بعد ما عرفت الاضطراب في لفظه ومتنه لا يدلّ على شيء ، فلا يبقى مجال لما ذكره القاري ، ويسقط ما ادّعاه من أن الحديث يبطل ما تذهب إليه الشيعة الإمامية ! وأيضاً : يبقى الإشكال الذي أورده بقوله : « لا يقال : لعلّ علياً . . . » على حاله ، إذ قصة ( يملأ الأرض عدلاً ) لم يظهر كونها من الحديث عن علي عليه السلام لو كان بلفظ ( الحسن ) . وتلخص : أن لا دلالة لحديث أبي داود على ما ذهب إليه بعض أهل السنّة من أن ( المهدي ) من ولد ( الحسن ) إن صحّ سنده . . . . وقد ثبت عندنا أن لا مستمسك لهذا القول في الكتب المعتبرة المشتهرة عندهم إلاّ هذا الحديث الذي عرفت حاله سنداً ومتناً ودلالة . فما ذهب إليه أصحابنا - ووافقهم عليه من غيرهم كثيرون - من أنه من ولد ( الحسين ) هو الحق . وبه تواترت الأخبار عندهم ، ومن أخبار أهل السنّة في ذلك : قوله صلّى اللّه عليه وآله : « لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد ، لطوّل اللّه عز وجل