أقول : هذا كلام الرجل في هذا المقام ، وما صدر منه - في كتابه ، حول الإمام المهدي - ممّا يخالف أدب أهل الدين ودأب المحصّلين والمناظرين كثير . . . . كقوله : « ومن حماقتهم أيضاً أنهم يجعلون للمنتظر عدّة مشاهد ينتظرونه فيها ، كالسرداب الذي بسامراء الذي يزعمون أنه غاب فيه ، ومشاهد أخر ، وقد يقيمون هناك دابّة - إما بغلة وإما فرساً وإما غير ذلك - ليركبها إذا خرج ، ويقيمون هناك إما في طرفي النهار وإما في أوقات أخر من ينادي عليه بالخروج : يا مولانا أخرج ، يا مولانا أخرج ، ويشهرون السّلاح ولا أحد هناك يقاتلهم ، وفيهم من يقوم في أوقات الصلاة دائماً لا يصلّي خشية أن يخرج وهو في الصّلاة فيشتغل بها عن خروجه وخدمته ، وهم في أماكن بعيدة عن مشهدة ، كمدينة النبي صلّى اللّه عليه وآله ، إمّا في العشر الأواخر من رمضان وإمّا في غير ذلك ، يتوجّهون إلى المشرق وينادونه بأصوات عالية يطلبون خروجه . ومن المعلوم أنه لو كان موجوداً وقد أمره اللّه بالخروج ، فإنه يخرج سواء نادوه أو لم ينادوه ، وإن لم يأذن له فهو لا يقبل منهم ، وأنه إذا خرج فإن اللّه يؤيده ويأتيه بما يركبه وبمن يعينه وينصره ، لا يحتاج إلى أن يوقف له دائماً من الآدميين من ضلّ سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً . واللّه سبحانه قد عاب في كتابه من يدعو من لا يستجيب له دعاءه فقال تعالى : ( ذَلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِير * إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِير ) . هذا ، مع أن الأصنام موجودة ، وكان يوم فيها أحياناً شياطين تتراءى لهم وتخاطبهم . ومن خاطب معدوماً كانت حالته أسوأ من حال من خاطب موجوداً وإن كان