وكان ولده علي الرضا عليه السلام أزهد أهل زمانه وأعلمهم ، وأخذ عنه فقهاء الجمهور كثيراً ، وتولاّه المأمون لعلمه بما هو عليه من الكمال والفضل . ووعظ يوماً أخاه زيداً فقال له : يا زيد ما أنت قائل لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله إذا سفكت الدماء وأخفت السبيل وأخذت المال من غير حلّه ، غرّك حُمَقاءُ أهل الكوفة ! وقد قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله : إن فاطمة أحصنت فرجها فحرَّم اللّه ذريّتها على النار ، واللّه ما نالوا ذلك إلاّ بطاعة اللّه ، فإن أردت أن تنال بمعصية اللّه ما نالوه بطاعته ، إنك إذاً لأكرم على اللّه منهم ! وضرب المأمون اسمه على الدراهم والدنانير ، وكتب إلى الآفاق ببيعته ، وطرح السّواد ولبس الخضرة . وقيل لأبي نؤاس لم لا تمدح الرضا عليه السلام ؟ فقال : قيل لي أنت أفضلُ الناس طُرّاً * في المعاني وفي الكلام البديهِ لك من جوهر الكلام بديعٌ * يُثمر الدر في يدي مجتنيه فلما ذا تركت مدح ابن موسى * والخصال التي تجمّعن فيه قلت لا أستطيع مدح إمام * كان جبريل خادماً لأبيه وكان ولده محمد الجواد عليه السلام على منهاج أبي ه في العلم والتقوى والجود ، ولما مات أبوه الرضا عليه السلام شغف به المأمون لكثرة علمه ودينه ووفور عقله مع صغر سنّه ، فأراد أن يزوّجه ابنته أم الفضل وكان قد زوّج أباه الرضا عليه السلام بابنته أم حبيب ، فغلظ ذلك على العباسيين واستكبروه ، وخافوا أن يخرج الأمر منهم ، وأن يتابعه كما تابع أباه ، فاجتمع الأدنوْن منه وسألوه ترك ذلك وقالوا إنه صغير لا علم عنده ، فقال : أنا أعرف به فإن شئتم فامتحنوه ، فرضوا بذلك وجعلوا ليحيى بن أكثم مالاً كثيراً على امتحانه في مسألة يعجزه فيها ، فتواعدوا إلى يوم . فأحضره المأمون وحضر القاضي وجماعة العباسيين فقال القاضي : أسألك عن