فالإنصاف : أن هذا القدر الذي وصل إلينا من أحاديث الإمام العسكري عليه السلام وأخباره مع قصر عمره الشريف ، الذي قضاه في السجون ، وتحت المراقبة ، مع منع الناس من الدخول عليه ونشر حديثه ، ومطاردة أصحابه وأقربائه ، لكثير كثير . . . ! ! وإن من الواضح أن لا يقصد أتباع أولئك الطواغيت الإمام عليه السلام للأخذ منه والرواية عنه ، مع ما في ذلك من تعريض النفس للخطر . . . . ثم جاء الذين ساروا على منهاج الملوك في العداء والنصب لأهل البيت - هؤلاء الذين لا تلتأم جراحات ألسنتهم وأقلامهم - وجعلوا يتطاولون على شأن الإمام ومقامه العظيم ، وينكرون كلّ شيء ، حتى هذا القدر المنقول الموجود في كتب الفريقين من أخباره وأحاديثه . . . الدالّ على علمه وجلالته وكونه أفضل أهل زمانه . يريد النواصب ليطفئوا نور اللّه . . . قوم بالمحاربة والقتل والتعذيب ، وقوم بعدم الرواية والنقل ، وقوم بالإنكار والتكذيب . . . ويأبى اللّه إلا أن يتم نوره . . . . فالملوك لم يفسحوا المجال للإمام عليه السلام لأن يتصل به العلماء والناس ويستفيدوا من علومه ويستضيئوا بنوره ، فقد كانت أيامه قليلة ومضى أكثرها في السجون . . . . عجيب أمر هؤلاء . . . فإنهم عندما يسألون عن السبب في قلّة الرواية عن كبار الصحابة - لا سيما الثلاثة - في تفسير القرآن وبيان الأحكام ، قالوا : إن السبب تقدّم وفاتهم ، فقد قال السيوطي : « أما الخلفاء ، فأكثر من روي عنه منهم علي بن أبي طالب ، والرواية عن الثلاثة نزرة جداً ؛ وكأن السبب في ذلك تقدّم وفاتهم ، كما أن ذلك هو السبب في قلّة رواية أبي بكر للحديث ، ولا أحفظ عن أبي بكر في التفسير إلا آثاراً قليلة جدّاً لا تكاد تتجاوز العشرة ، وأما علي ، فروي عنه الكثير . . . » [1] . فهكذا يعتذرون لأوليائهم ، وهو عذر باطل غير مقبول ، أمّا بالنسبة إلى مثل الإمام