في الشخوص من المدينة ، وكان عبد الله بن محمد بن داود الهاشمي قد كتب يذكر أن قوماً يقولون إنه الإمام ، فشخص عن المدينة ، وشخص يحيى بن هرثمة معه ، حتى صار إلى بغداد ، فلما كان بموضع يقال له الياسرية نزل هناك . وركب إسحاق بن إبراهيم لتلقيه ، فرأى تشوق الناس إليه واجتماعهم لرؤيته ، فأقام إلى الليل ، ودخل به اللّيل فأقام ببغداد بعض تلك الليلة ، ثم نفذ إلى سرّ من رأى » [1] . وقد وجدت الخبر كما شرحه العلاّمة رحمه اللّه ، في كتاب ( تذكرة خواصّ الأمة ) ، وصاحبه حنفي المذهب ومن المتقدّمين عليه ، فإنه قال : « قال علماء السير : وإنما أشخصه المتوكل من مدينة رسول اللّه إلى بغداد ، لأن المتوكل كان يبغض عليّاً وذريّته ، فبلغه مقام علي بالمدينة وميل الناس إليه ، فخاف منه ، فدعى يحيى بن هرثمة وقال : إذهب إلى المدينة ، وانظر في حاله وأشخصه إلينا . قال يحيى : فذهبت إلى المدينة ، فلما دخلتها ضجّ أهلها ضجيجاً عظيماً ما سمع الناس بمثله ، خوفاً على علي ، وقامت الدنيا على ساق ، لأنه كان محسناً إليهم ملازماً للمسجد ، لم يكن عنده ميل إلى الدنيا . قال يحيى : فجعلت أسكّنهم وأحلف لهم أني لم أؤمر فيه بمكروه وأنه لا بأس عليه . ثم فتّشت منزله فلم أجد فيه إلاّ مصاحف وأدعية وكتب العلم ، فعظم في عيني وتولّيت خدمته بنفسي وأحسنت عشرته . فلمّا قدمت به بغداد بدأت بإسحاق بن إبراهيم الطاهري - وكان والياً على بغداد - فقال لي : يا يحيى ، إن هذا الرجل قد ولّده رسول اللّه ، والمتوكّل من تعلم ، فإن حرّضته عليه قتله ، وكان رسول اللّه خصمك يوم القيامة . فقلت له : واللّه ما وقفت منه إلا على كلّ أمر جميل . ثم صرت به إلى سرّ من رأى ، فبدأت بوصيف التركي ، فأخبرته بوصوله ، فقال :