قيل لي هذا أبو نؤاس ، فتخلّلت الناس ورائي فلما جلست إليه أملى علينا : إذا ما خلوتَ الدهر يوماً فلا تقل * خلوتُ ولكن في الخلاء رقيب ولا تحسبنّ اللّه يغفل ساعة * ولا آثماً يخفى عليه يغيب لهونا عن الآثام حتى تتابعت * ذنوبٌ على آثارهنّ ذنوب فيا ليت أن اللّه يغفر ما مضى * ويأذن في توباتنا فنتوب » وعن الشافعي قال : دخلنا على أبي نؤاس في اليوم الذي مات فيه وهو يجود بنفسه ، فقلنا : ما أعددت لهذا اليوم ؟ فأنشأ يقول : تعاظمني ذنبي فلمّا قرنته * بعفوك ربّي كان عفوك أعظما وما زلت ذا عفو عن الذنب لم تزل * تجود وتعفو منَّةً وتكرُّما ولولاك لم يغو بإبليس عابد * وكيف وقد أغوى صفيّك آدما » ولقي شعبة أبا نؤاس فقال له : « يا حسن حدّثنا من طرفك . فقال : حدّثنا الخفاف عن وائل * وخالد الحذَّاء عن جابر ومسعرٌ عن بعض أصحابه * يرفعه الشيخ إلى عامر قالوا جميعاً أيّما طفلة * عُلِّقَها ذو خُلُق طاهر فواصلته ثمّ دامت له * على وصال الحافظ الذاكر كانت لها الجنّة مفتوحة * ترتع في مرتعها الزاهر وأيّ معشوق جفا عاشقاً * بعد وصال دائم ناضر ففي عذاب اللّه بعداً له * وسحقُ دائم وداحر فقال له شعبة : إنك لجميل الأخلاق ، وإني لأرجو لك » . وقال ابن خلكان : « وما أحسن ظن أبي نؤاس بربّه عز وجلّ حيث يقول : فكثِّر ما استطعتَ من الخطايا * فإنك بالغ ربّاً غفورا ستبصر إن وردت عليه عفواً * وتلقى سيّداً ملكاً كبيرا