أمّا أئمة أهل البيت عليهم السلام ، فهم أعلا وأجل وأشرف من أن توزن أحاديثهم الصحيحة الثابتة عنهم بهذه الموازين ، بل السعيد من أخذ عنهم واتبعهم ، والشقي من أعرض عنهم وخالفهم . ترجمة أبي الصلت الهروي الثالث : في بيان حال أبي الصلت الهروي : كان أبو الصّلت عبد السّلام بن صالح الهروي من أصحاب الإمام الرضا والملازمين له ، والرواة لأحاديثه وأخباره ، بل في ( تهذيب الكمال ) : « وهو خادم علي بن موسى الرضا » . وقد ذكروا بترجمته أنه كان عالماً فقيهاً أديباً ، يردّ على أهل الأهواء من المرجئة والجهمية والزنادقة والقدرية ويناظرهم ، وفي كلّ ذلك كان الظفر له . وذكروا أيضاً : أنه كان يقدّم أبا بكر وعمر ولا يذكر أصحاب النبي صلّى اللّه عليه وآله إلا بالجميل . ولهذه الأمور وغيرها ، فقد وثّقه غير واحد من الأئمة ، وعلى رأسهم إمام أهل الجرح والتعديل يحيى بن معين [1] . لكنهم مع ذلك رموه بالتشيع ، لروايته عن الإمام الرضا وغيره بعض المناقب والفضائل لأمير المؤمنين عليه السلام ، الدالّة على أفضليّته وإمامته بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله ، كحديث : أنا مدينة العلم وعلي بابها ، ثم أفرط بعض المتعصّبين وجعل يتكلّم في الرجل ويقع فيه . حتى قال الجوزجاني - المعروف بالنصب [2] - : « كان أبو الصلت الهروي زائغاً عن الحق مائلاً عن القصد » .
[1] كذا قالوا في حقه ، من ذلك : تقريب التهذيب 2 / 358 . [2] أنظر : لسان الميزان 1 / 16 .