بحر المعرفة لم يطمع في شط ، ومن تعلَّى إلى ذروة الحقيقة لم يخف من حط » [1] . وقال أبو نعيم : « جعفر بن محمد الإمام الناطق ، ذو الزمام السابق ، أبو عبد الله جعفر بن محمد الصادق ، أقبل على العبادة والخضوع ، وآثر العزلة والخشوع ، ونهى عن الرئاسة والجموع » [2] . وقال النووي : « اتفقوا على إمامته وجلالته » [3] . وأمّا الذين ذكر أنهم أخذوا عنه ، فهم بعض من كلّ ، كما لا يخفى على من راجع ترجمته في الكتب المذكورة وغيرها . وأمّا أخذه عن الذين ذكرهم فكذب ، ومما يوضح كذبه دعواه الأخذ عن الزهري الذي عرفت حاله . قال قدس سره : قال علماء السيرة : إنه انشغل بالعبادة عن طلب الرياسة . الشرح : قال ابن تيمية : « وأمّا قوله : اشتغل بالعبادة عن الرياسة ، فهذا تناقض من الإماميّة ، لأن الإمام عندهم واجب أن يقوم بها وبأعبائها ، فإنه لا إمام في وقته إلا هو ، فالقيام بهذا الأمر أعظم لو كان واجباً وأولى من الاشتغال بنوافل العبادات » [4] . أقول : إن الإمام المنصوص عليه بالإمامة يجب عليه قبولها والقيام بأعبائها متى ما أقبل عليه المسلمون وبايعوه وطلبوا منه ذلك ، لكن هذا لم يكن من الناس ، وعلى الجملة ، فإن الحكومة والرياسة من شؤون الإمام الحق ، فإن تمكّن منها وجبت عليه وإلاّ لم