فهيّأت له أربعين مسألة ، ثم بعث إليّ أبو جعفر - وهو بالحيرة - فأتيته فدخلت عليه وجعفر بن محمد جالس عن يمينه ، فلما أبصرت به دخلتني من الهيبة لجعفر بن محمد الصادق ما لم يدخلني لأبي جعفر ، فسلّمت عليه وأومأ إلي ، فجلست ، ثم التفت إليه فقال : يا أبا عبد الله هذا أبو حنيفة . قال جعفر : نعم . ثم أتبعها قد أتانا - كأنه كره ما يقول فيه قوم إنه إذا رأى الرجل عرفه - ثم التفت المنصور إلي فقال : يا أبا حنيفة ألق على أبي عبد الله من مسائلك . فجعلت ألقي عليه فيجيبني ، فيقول : أنتم تقولون كذا ، وأهل المدينة يقولون كذا ، ونحن نقول كذا ، فربما تبعناهم ، وربما خالفنا جميعاً ، حتى أتيت على الأربعين مسألة . ثم قال أبو حنيفة : ألسنا روينا أن أعلم الناس أعلمهم باختلاف الناس » [1] . وقال ابن حبان : « كان من سادات أهل البيت فقهاً وعلماً وفضلاً » [2] . وقال أبو حاتم محمد بن إدريس الرازي : « ثقة لا يسأل عن مثله » [3] . وقال ابن خلكان : « كان من سادات أهل البيت ، ولقّب بالصّادق لصدقه في مقالته ، وفضله أشهر من أن يذكر » [4] . وقال أبو الفرج ابن الجوزي : « كان مشغولاً بالعبادة عن حبّ الرياسة » [5] . وقال أبو الفتح الشهرستاني : « جعفر بن محمد الصّادق ، هو ذو علم غزير في الدّين ، وأدب كامل في الحكمة ، وزهد في الدنيا ، وورع تام عن الشهوات . وقد أقام بالمدينة مدّة يفيد الشيعة المنتمين إليه ويفيض على الموالين له أسرار العلوم ، ثم دخل العراق وأقام بها مدّة ، ما تعرّض للإمامة قط ، ولا نازع في الخلافة أحداً . ومن غرق في