أما أعلميّتهما من أهل زمانهما ، ففي غاية الوضوح ، فإنهما الوارثان لعلوم أبي هما باب مدينة علم النبي وأقضى الأمة من بعده ، ومن هنا كانا مستغنيين عن غيرهما والكلّ محتاج إلى علمهما . وقد روي : أنه استفتى أعرابي عبد الله بن الزبير وعمرو بن عثمان ، فتواكلا ، فقال : اتقيا اللّه فإني أتيتكما مسترشداً ، أمواكلة في الدين ! فأشارا عليه بالحسن والحسين فأتاهما [1] . جهادهما قال قدس سره : وجاهدا في سبيل اللّه حتى قتلا . ولبس الحسن عليه السلام الصّوف تحت ثيابه الفاخرة من غير أن يشعر أحداً بذلك . الشرح : قال ابن تيمية : « وأمّا قوله : وجاهدا في اللّه حق جهاده حتى قتلا . فهذا كذب عليهما ، فإن الحسن تخلّى عن الأمر وسلّمه إلى معاوية ومعه جيوش ، وما كان يختار قتال المسلمين قط ، وهذه متواترة في فضائله . وأما موته فقيل : إنه مات مسموماً ، وهذه شهادة له وكرامة في حقّه ، لكن لم يمت مقاتلاً . والحسين رضي اللّه عنه ما خرج مقاتلاً . . . » [2] . أقول : لقد ذكر العلاّمة عن الإمامين السبطين أمرين ، أحدهما : إنهما جاهدا في اللّه حق جهاده . والآخر : إنهما قتلا حال كونهما مجاهدين في اللّه حق جهاده ، فأيّهما كذب عليهما ؟ كأن هذا الرجل يجهل أو يتجاهل أن ( الجهاد ) في اللّه لا يختص ب ( القتال ) وأن ( القتل ) في سبيل اللّه و ( الشهادة ) لا يختص ب ( السيف ) ؟ !
[1] تاريخ دمشق 13 / 238 . [2] منهاج السنة 4 / 41 - 42 .