وكان لعثمان جاريتان تغنّيان في اللّيل . ولأنه لم يزل أهل الحجاز يترخصون فيه ويكثرون منه وهم في عصر الصحابة وجلّة الفقهاء فلا ينكرونه عليهم ولا يمنعونهم منه ، كالذي حكي أن عبد الله بن جعفر كان منقطعاً إليه ومكثراً منه ، فبلغ ذلك معاوية فقال لعمرو بن العاص : « قم بنا إليه » ، فلمّا استأذنا عليه وعنده جواريه يغنين فأمرهنّ بالسكوت ، فقال معاوية : « يا عبد الله مرهنّ يرجعن إلى ما كنّ عليه » ، فرجعن يغنين ، فطرب معاوية حتى حرّك رجليه على السّرير . فقال عمرو : « إن من جئت تلحاه أحسن حالاً منك » ، فقال معاوية : « إليك عني يا عمرو ، فإن الكريم طروب » [1] . قلت : وأنت ترى أن لا شيء من هذه الفتاوى الشنيعة وأمثالها - التي يقف عليها المتتبع في كتب القوم ، ولربما هناك أمور أشنع وأفظع لا يقف عليها لعدم العثور على كثير من كتبهم - بمنقول عن أئمة أهل البيت عليهم السّلام ، وحاشاهم من أن يقولوا شيئاً من هذا القبيل ، فإنهم مهابط الوحي ومعادن العلم الإلهي ؛ ولذا أمرنا بالرجوع إليهم ، والأخذ عنهم ، والتمسّك بهم ، والانقياد لهم ، فإنهم لا يقولون شيئاً من عندهم ، ولا يفتون بالرأي والقياس ، وهم دائماً يستحضرون الشرائع والأحكام ولا يخطئون ، ولا يحتاجون إلى غيرهم في شيء من ذلك ، بل الكلّ محتاجون إليهم . من موارد جهل الصّحابة بالأحكام ولا بأس بنقل نصّ عبارة الحافظ ابن حزم الأندلسي الحاكية لجهالات الصّحابة في الأحكام الشرعيّة ، وليس فيها شيء عن أمير المؤمنين عليه السلام . . . فإنه قال :