ومنها : أنه لا يبقى وثوق بوعد اللّه تعالى ووعيده ! لأنهم إذا جوّزوا استناد الكذب في العالم إليه ، جاز أن يكذب في إخباراته كلّها ! فتنتفي فائدة بعثة الأنبياء عليهم السّلام ، بل وجاز منه إرسال الكذّابين ! فلا يبقى لنا طريق إلى تميّز الصادق من الأنبياء عليهم السّلام والكاذب ! ومنها : أنه يلزم منه تعطيل الحدود والزواجر عن المعاصي ! فإن الزنا إذا كان واقعاً بإرادة اللّه تعالى ، والسّرقة إذا صدرت من اللّه تعالى ، وإرادته هي المؤثّرة ، لم يجز للسّلطان المؤاخذة عليها ، لأنه يصدّ السارق عن مراد اللّه تعالى ويبعثه على ما يكرهه اللّه تعالى ! ولو صدَّ الواحد منا غيره عن مراده وحمله على ما يكرهه ، استحق منه اللّوم ! ويلزم أن يكون اللّه مريداً للنقيضين ، لأن المعصية مرادةٌ للّه تعالى والزجر عنها مرادٌ له أيضاً ! ومنها : أنه يلزم منه مخالفة المعقول والمنقول : أمّا المعقول فلما تقدم من العلم الضروري بإستناد أفعالنا الاختيارية إلينا ووقوعها بحسب إرادتنا ، فإذا أردنا الحركة يَمْنَةً لم يقع يَسْرَةً ، وبالعكس ، والشك في ذلك عين السفسطة ! وأمّا المنقول ، فالقرآن مملوءٌ من إسناد أفعال البشر إليهم ، كقوله تعالى : ( وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى ) . ( أدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) . ( الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْس بِمَا كَسَبَتْ ) . ( الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) . ( لِتُجْزَى كُلُّ نَفْس بِمَا تَسْعَى ) . ( مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَى إِلا مِثْلَهَا وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ ) . ( لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ ) . ( لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ ) . ( فَبِظُلْم مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَات أُحِلَّتْ لَهُمْ ) . ( كُلُّ امْرِئ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ ) . ( مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ ) . ( وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَان إِلا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي ) . ( إِنَّ اللّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّة ) . ( وَمَا رَبُّكَ بِظَلام لِلْعَبِيدِ ) . ( وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ) .