ومنها : أنه يلزم أن لا يبقى عندنا فرقٌ بين من أحسن إلينا غايةَ الإحسان طولَ عمره ، وبين من أساء إلينا غايةَ الإساءة طولَ عمره ، ولم يحسن منّا شكر الأوّل وذمّ الثاني ، لأن الفعلين صادران من اللّه تعالى عندهم ! ومنها : التقسيم الذي ذكره مولانا وسيّدنا موسى بن جعفر الكاظم عليه السلام ، وقد سأله أبو حنيفة وهو صبيّ فقال : المعصية ممّن ؟ فقال الكاظم عليه السلام : المعصية إمّا من العبد أو من ربّه أو منهما ، فإن كانت من اللّه تعالى فهو أعدل وأنصف من أن يظلم عبده ويأخذه بما لم يفعله ، وإن كانت المعصية منهما فهو شريكه والقوي أولى بإنصاف عبده الضعيف ، وإن كانت المعصية من العبد وحده فعليه وقع الأمر وإليه توجّه المدح والذم وهو أحق بالثواب والعقاب ، ووجبت له الجنة أو النار . فقال أبو حنيفة : ( ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْض ) . ومنها : أنه يلزم أن يكون الكافر مطيعاً بكفره ، لأنه قد فعل ما هو مراد اللّه تعالى ، لأنه أراد منه الكفر وقد فعله ! ولم يفعل الإيمان الذي كرهه اللّه تعالى منه ، فيكون قد أطاعه لأنه فعل مراده ولم يفعل ما كرهه ! ومنها : أنه يلزم نسبة السّفه إلى اللّه تعالى ، لأنه أمَر الكافر بالإيمان ولا يريده منه ونهاه عن المعصية وقد أرادها ! وكلّ عاقل يَنْسب من يأمر بما لا يريد وينهى عمّا يريد إلى السّفه ! تعالى اللّه عن ذلك . ومنها : أنه يلزم عدم الرضا بقضاء اللّه تعالى وقدره ، لأن الرّضا بالكفر حرامٌ بالإجماع ، والرضا بقضاء اللّه تعالى وقدره واجب ، فلو كان الكفر بقضاء اللّه تعالى وقدره وجب علينا الرّضا به ، لكن لا يجوز الرّضا بالكفر . ومنها : أنه يلزم أن نستعيذ بإبليس من اللّه تعالى ، ولا يحسن قوله تعالى : ( فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ) ، لأنهم نزّهوا إبليس والكافر عن المعاصي وأضافوها إلى اللّه تعالى ، فيكون على المكلّفين شرّاً من إبليس عليهم ، تعالى اللّه عن ذلك !