الخليل عليه السلام » [1] . بل في الكتابين المذكورين وغيرهما من كتبهم المعتبرة عندهم ما يدلّ على عدم عصمة الأنبياء - حتى نبينا صلّى اللّه عليه وآله - بما يوجب الكفر ، ومن ذلك حديث الغرانيق الذي أخرجوه بطرق كثيرة جدّاً ، ونصّوا على توثيق رجاله وصحة أسانيده ، فقالوا : إنه صلّى اللّه عليه وآله صلّى يوماً وقرأ في سورة النجم عند قوله تعالى ( أَفَرَأَيْتُمُ اللاّتَ وَالْعُزَّى * وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الآخْرَى ) : تلك الغرانيق العلى منها الشفاعة ترتجى . وهو اعتراف منه بأن تلك الأصنام ترتجى الشفاعة منها . وهي مقالة توجب الشرك . ولذا اضطرّ بعضهم إلى أن يقولوا في هذه الأحاديث - التي رواها : البزار ، الطبراني ، ابن جرير ، ابن المنذر ، البيهقي ، ابن أبي حاتم ، الهيثمي ، السيوطي . . . - : « إنها من وضع الزنادقة » أو نحو هذه العبارة [2] . وهل تنزيه الأنبياء عليهم السّلام عن الكفر باللّه والشرك به وعن معصيته في جميع الأحوال غلوّ ؟ وهل معنى ذلك اتخاذهم أرباباً من دون اللّه ؟ وإذا كان جوابك : لا ، فما تقول لابن تيمية القائل : « وأما الرافضة فأشبهوا النصارى ، فإن اللّه تعالى أمر الناس بطاعة الرسل فيما أمروا به ، وتصديقهم فيما أخبروا به ، ونهى الخلق عن الغلوّ والإشراك باللّه تعالى ، فبدّلت النصارى دين اللّه تعالى ، فغلوا في المسيح ، فأشركوا به . . . وكذلك الرافضة غلوا في الرسل بل في الأئمة حتى اتّخذوهم أرباباً دون اللّه » [3] . لكن القول بأن الرسل يعصون اللّه في جميع الكبائر والصغائر - حاشا الكذب في
[1] تفسير الرازي 26 / 148 . [2] الشفا بتعريف حقوق المصطفى 2 / 124 ، تفسير الرازي 23 / 49 ، مجمع الزوائد 7 / 115 ، الدر المنثور في التفسير بالمأثور 4 / 368 . [3] منهاج السنة 1 / 473 - 474 .