هذه دالّة عليه . . . بل ذكر أبو الحسن الأشعري - الذي طالما نقل عنه ابن تيمية واعتمد على أقواله - ما نصّه : « حكي عنه أنه قال : هو جسم كالأجسام . ومعنى ذلك أنه شيء موجود » [1] وأوضحه في موضع آخر حيث قال : « قال قائلون : هو جسم خارج عن جميع صفات الأجسام ، ليس بطويل ، ولا عريض ، ولا عميق ، ولا يوصف بلون ولا طعم ولا مجسّة ولا شيء من صفات الأجسام » [2] . ومن هنا نصّ شارح المواقف على أن هؤلاء لا يكفّرون ، لأنهم ينفون جميع خواصّ الجسم ، وليس في مقالتهم إلا إطلاق لفظ الجسم ، بخلاف المصرّحين بالجسمية [3] ، وقد بحثنا هذه المسألة في ( المدخل ) . قال قدس سره : فقال بعضهم وهم جماعة الأشاعرة : إن القدماء كثيرون مع اللّه تعالى ! وهي المعاني التي يثبتونها موجودة في الخارج كالقدرة والعلم . . . . الشرح : الأشاعرة هم أتباع الشيخ أبي الحسن علي بن إسماعيل ، ينتهي نسبه إلى أبي موسى الأشعري ، له عقائد تبعه عليها قوم وأنكرها آخرون ، له مؤلفات كثيرة . مات ببغداد سنة نيف وثلاثين وثلاثمائة ، له ترجمة في أكثر كتب التراجم ، خصّها بعضهم بالتأليف . قال قدس سره : فجعلوه تعالى مفتقراً في كونه عالماً إلى ثبوت معنى هو العلم ! وفي كونه قادراً إلى ثبوت معنى هو القدرة ، وغير ذلك ! ولم يجعلوه قادراً لذاته ، ولا عالماً لذاته ، ولا رحيماً لذاته ، ولا مدركاً لذاته ، بل لمعان قديمة يفتقر في هذه الصفات إليها ، فجعلوه محتاجاً ناقصاً في ذاته كاملاً بغيره ! تعالى اللّه عن ذلك