لا يقدر على عين مقدور العبد ! وذهب الأكثر منهم إلى أن اللّه تعالى يفعل القبائح ، وأن جميع أنواع المعاصي والكفر وأنواع الفساد واقعة بقضاء اللّه تعالى وقدره ، وأن العبد لا تأثير له في ذلك ! وأنه لا غرض للّه تعالى في أفعاله ولا يفعل لمصلحة العباد شيئاً ، وأنه تعالى يريد المعاصي من الكافر ولا يريد منه الطاعة ! وهذا يستلزم أشياء شنيعة : منها : أن يكون اللّه تعالى أظلم من كلّ ظالم ! لأنه يعاقب الكافر على كفره وهو قدَّره عليه ، ولم يخلق فيه قدرة على الإيمان ! فكما أنه يلزم الظلم لو عذّبه على لونه وطوله وقصره ، لأنه لا قدرة له فيها ، كذا يكون ظالماً لو عذّبه على المعصية التي فعلها فيه . ومنها : إفحام الأنبياء عليهم السّلام وانقطاع حجتهم ، لأن النبي إذا قال للكافر : آمن بي وصدقني ، يقول له : قل للذي بعثك يَخْلقْ فيَّ الإيمان أو القدرة المؤثرة فيه حتى أتمكن من الإيمان فأؤمن ، وإلاّ فكيف تكلّفني الإيمان ولا قدرة لي عليه بل خلق فيَّ الكفر ، وأنا لا أتمكّن من مقاهرة اللّه تعالى ! فينقطع النبي عليه السلام ولا يتمكّن من جوابه ! ومنها : تجويز أن يعذّب اللّه تعالى سيّد المرسلين صلّى اللّه عليه وآله على طاعته ويثيب إبليس على معصيته ، لأنه يفعل الأشياء لا لغرض ! فيكون فاعل الطاعة سفيهاً لأنه يتعجل بالتعب والاجتهاد في العبادة وإخراج ماله في عمارة المساجد والرُّبُط والصدقات ، من غير نفع يحصل له ، لأنه قد يعاقبه على ذلك ! ولو فعل عوض ذلك ما يلتذ به ويشتهيه من أنواع المعاصي قد يثيبه ! فاختيار الأوّل يكون سفهاً عند كلّ عاقل ! والمصير إلى هذا المذهب يؤدّي إلى خراب العالم ، واضطراب أمر الشريعة المحمديّة !