بعدي . ثم قال : يأبى اللّه والمؤمنون أن يتولّى غير أبي بكر . فاللّه هو ولاّه قدراً وشرعاً ، وأمر المؤمنين بولايته ، وهداهم إلى أن ولُّوه من غير أن يكون طلب ذلك لنفسه » [1] . أقول : من المعلوم أن أبا بكر قد طلب الأمر لنفسه ، فهو الذي احتجّ على الأنصار فخصمهم كما يدّعون . فإن قيل : الإحتجاج على القوم أمر وطلب الأمر لنفسه أمر آخر . قلنا : إذا لم يكن أبو بكر طالباً شيئاً لنفسه ، فلماذا رجع من السنح ومن جيش أسامة مخالفاً للّه ورسوله ؟ فإن قيل : إنما رجع للوداع مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وقد بلغه شدّة وجعه . قلنا : وهل كان للرسول في رجوعه - حتى للوداع معه - رضى ؟ ثم لمّا توفي صلّى اللّه عليه وآله فلماذا لم يحضر تجهيزه ، بل أسرع ومعه عمر وأبو عبيدة نحو السقيفة حيث اجتمع الأنصار للنظر في أمر الخلافة ؟ وبعد ، فقد ناقض ابن تيمية نفسه بتصريحه بأن أبا بكر - وكذا عمر وعثمان - ادّعوا الإمامة وطلبوا الأمر ودعوا الناس إلى طاعتهم ، وسيأتي نصّ كلامه في البحث حول آية المودّة . وأمّا قوله : « أقيلوني » الذي ذكره الرجل بقوله : « وقد روي عنه » ولم يذكر راويه فما معناه ؟ وما لفظه الكامل ؟ ومتى قاله ؟ وسيأتي الكلام عليه في محلّه . وأمّا قوله : « فالمسلمون اختاروه وبايعوه لعلمهم بأنه خيرهم » . فكذب ، لأن المسلمين لم يختاروه . . . وتلك قضايا السقيفة والصراع بين المهاجرين والأنصار الحاضرين فيها ، وأين كان سائر المسلمين ؟ نعم ، بايعه عمر وأبو عبيدة ، ثم حُمِل الناس