على ذلك فبايعه أكثرهم ، ولم يبايعه كثيرون من أعلام المسلمين . . . ولعلّنا نتعرّض لوقائع السقيفة بشيء من التفصيل في الموضع المناسب . والاستدلال بقوله المخرج في الصحيحين مردود ، لأن أخبار الصحيحين ليست بحجة . وإذا كان الملاك للتقدّم هو الأحبيّة إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله والأفضليّة والسيادة ، كما يروون عن عمر مخاطباً لأبي بكر . . . فهذه الصفات مجتمعة في علي عليه السلام ، للأحاديث الصحيحة المرويّة في كتب القوم ، كحديث خيبر ، وحديث الطائر المشوي وغيرهما مما سيأتي في محلّه . وأمّا الحديث « إنه قال لعائشة . . . » ففيه : أولاً : إن أحاديث الصحيحين ليست بحجة . وثانياً : إن عائشة متهمة في النقل في أمثال المقام في الأقل . وثالثاً : إن هذا الحديث بالخصوص موضوع في مقابلة حديث القرطاس الصحيح عند الفريقين . هذا ، وممّا يشهد بأنه إنما رجع إلى المدينة لطلب الأمر لنفسه ، وأن النبي صلّى اللّه عليه وآله ما قال لعائشة : « ادعي لي أباك . . . » بل أعرض عنه لدى حضوره عنده . . . وأنه لم يكن أحبّ الناس إليه صلّى اللّه عليه وآله : ما أخرجه جماعة من أكابر القوم من أنه صلّى اللّه عليه وآله لما حضره الموت قال : « ادعوا لي حبيبي » أو « عليّاً » فدعوا له أبا بكر « فوضع رأسه » أو « سكت » . . . ثم أعاد الكلمة ، فدعي له عمر ، فصنع ما صنع أوّلاً . . . حتى دعي له علي . . . وأمر بانصراف القوم من حوله . . . [1] .
[1] مسند أحمد 1 / 356 ، تاريخ الطبري 2 / 439 ، الرياض النضرة 2 / 180 ، ذخائر العقبى : 72 .