أمير ومنكم أمير ، واتّفقوا على رئيسهم سعد بن عبادة الأنصاري ، فاستدركه أبو بكر وعمر - رضي اللّه عنهما - في الحال ، بأن حضرا سقيفة بني ساعدة ، وقال عمر : كنت أزوّر في نفسي كلاماً في الطريق ، فلمّا وصلنا إلى السقيفة أردت أن أتكلّم فقال أبو بكر : مه يا عمر . فحمد اللّه وأثنى عليه ، وذكر ما كنت أقدِّره في نفسي ، كأنه يخبر عن غيب . فقبل أن يشتغل الأنصار بالكلام مددت يدي إليه فبايعته وبايعه الناس ، وسكنت الفتنة . ألا إن بيعة أبي بكر كانت فلتة وقى اللّه المسلمين شرّها ، فمن عاد إلى مثلها فاقتلوه ، فأيّما رجل بايع رجلاً من غير مشورة من المسلمين فإنهما تغرة يجب أن يقتلا . وإنما سكتت الأنصار عن دعواهم لرواية أبي بكر عن النبي صلّى اللّه عليه وآله : الأئمة من قريش . وهذه هي البيعة التي جرت في السقيفة . ثم لما عاد إلى المسجد انثال الناس عليه وبايعوه عن رغبة ، سوى جماعة من بني هاشم ، وأبي سفيان من بني أمية ، وأمير المؤمنين علي بن أبي طالب - رضي اللّه عنه - كان مشغولاً بما أمره النبي صلّى اللّه عليه وآله من تجهيزه ودفنه وملازمة قبره ، من غير منازعة ولا مدافعة » [1] . وأمّا أن بعضهم طلب الأمر لنفسه ، فتلك أخبار السقيفة وإباء علي عليه السلام وأتباعه بيعة أبي بكر ، في كتب الحديث والسيرة والتاريخ . . . وتلك عبارة الشهرستاني مرّت عليك آنفاً . . . . وأمّا أن طلب أبي بكر - فضلاً عن غيره - كان بغير حق ، وأن طلب علي عليه السلام كان بحق ، فستقف على الأدلة الدالة على ذلك في غضون الكتاب . . . إن كلّ هذا واقع ، وأيّ ذنب لمن يخبر عمّا وقع على ضوء الأدلّة والأخبار الصحيحة ؟ ونحن أيضاً نقول : « الصراط المستقيم لا بدّ فيه من العلم بالحق والعمل به ،