ويتّبعونه ، بل كان أكثرهم يعلمون الحق ويخالفونه ، كما يزعمونه في الخلفاء الثلاثة وجمهور الصحابة والأمة ، وكثير منهم عندهم لا يعلم الحق ، بل اتبع الظالمين تقليداً ، لعدم نظرهم المفضي إلى العلم ، والذي لم ينظر قد يكون تركه النظر لأجل الهوى وطلب الدنيا ، وقد يكون لقصوره ونقص إدراكه . . . فإذا كان هذا في حكايته لما جرى عقب موت النبي من اختلاف الأمة ، فكيف سائر ما ينقله ويستدلّ به ؟ » [1] . أقول : نعم إن الإنسان يجب أن يعرف الحق ومن يهدي إليه ، وأن يتّبعه ويهتدي بهداه ( أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمْ مَنْ لا يَهِدّيِ إِلا أَنْ يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ) [2] ، فهل كان المسلمون بعد موت النبي صلّى اللّه عليه وآله يعرفون الحق ؟ وهل اتبعوه ؟ إن العلاّمة يخبر هنا بالواقع بحسب الأدلّة . . فقد أصبح المسلمون بعد نبيّهم صلّى اللّه عليه وآله أربعة أصناف . . . والمهمّ هو البحث عمّن طلب الأمر لنفسه بغير حق - وهو أبو بكر من المهاجرين ، وسعد بن عبادة من الأنصار - ومن طلب الأمر لنفسه بحق ، وهو علي عليه السلام . . وفي أي شيء يشكّك ابن تيمية ؟ أمّا الاختلاف بعد النبي صلّى اللّه عليه وآله في الخلافة عنه ، فلا سبيل إلى التشكيك فيه ، بل إنه رأس الخلافات وأعظمها . . . . قال أبو الفتح الشهرستاني : « وأعظم خلاف بين الأمة خلاف الإمامة ، إذ ما سلّ سيف في الإسلام على قاعدة دينية مثل ما سلّ على الإمامة في كلّ زمان ، وقد سهّل اللّه تعالى ذلك في الصدر الأول ، فاختلف المهاجرون والأنصار فيها ، فقالت الأنصار : منّا
[1] منهاج السنة 2 / 11 - 16 . [2] سورة يونس : 35 .